الزيادة عن أهل الدثور مطلقا أه والذي يظهر أن مقصودهم إنما كان طلب المساواة ويظهر أن الجواب وقع قبل أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن متمني الشئ يكون شريكا لفاعله في الأجر كما سبق في كتاب العلم في الكلام على حديث ابن مسعود الذي أوله لا حسد إلا في اثنتين فإن في رواية الترمذي من وجه آخر التصريح بأن المنفق والمتمني إذا كان صادق النية في الأجر سواء وكذا قوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها من غير أن ينقص من أجره شئ فإن الفقراء في هذه القصة كانوا السبب في تعلم الأغنياء الذكر المذكور فإذا استووا معهم في قوله امتاز الفقراء بأجر السبب مضافا إلى التمني فلعل ذلك يقاوم التقرب بالمال وتبقى المقايسة بين صبر الفقير على شظف العيش وشكر الغني على التنعم بالمال ومن ثم وقع التردد في تفضيل أحدهما على الآخر وسيكون لنا عودة إلى ذلك في الكلام على حديث الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن العالم إذا سئل عن مسئلة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف كذا قال ابن بطال وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله ألا أدلكم على أمر تساوونهم فيه وعدل عن قوله نعم هم أفضل منكم بذلك وفيه التوسعة في الغبطة وقد تقدم تفسيرها في كتاب العلم والفرق بينها وبين الحسد المذموم وفيه المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم ولم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم فيؤخذ منه أن قوله إلا من عمل عام للفقراء والأغنياء خلافا لمن أوله بغير ذلك وفيه أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق وفيه فضل الذكر عقب الصلوات واستدل به البخاري على فضل الدعاء عقيب الصلاة كما سيأتي في الدعوات لأنه في معناها ولأنها أوقات فاضلة يرتجى فيها إجابة الدعاء وفيه أن العمل القاصر قد يساوي المتعدى خلافا لمن قال إن المتعدى أفضل مطلقا نبه على ذلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري ورجال الإسناد كلهم كوفيون إلا محمد بن يوسف وهو الفريابي (قوله عن وراد) في رواية معتمر بن سليمان عن سفيان عند الإسماعيلي حدثني وراد (قوله أملى على المغيرة) أي ابن شعبة (في كتاب إلى معاوية) كان المغيرة إذ ذاك أميرا على الكوفة من قبل معاوية وسيأتي في الدعوات من وجه آخر عن وراد بيان السبب في ذلك وهو أن معاوية كتب إليه اكتب لي بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي القدر من رواية عبدة بن أبي لبابة عن وراد قال كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إلى ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصلاة وقد قيدها في رواية الباب بالمكتوبة فكأن المغيرة فهم ذلك من قرينة في السؤال واستدل به على العمل بالمكاتبة وإجرائها مجرى السماع في الرواية ولو لم تقترن بالإجازة وعلى الاعتماد على خبر الشخص الواحد وسيأتي في القدر في آخره أن ورادا قال ثم وفدت بعد على معاوية فسمعته يأمر الناس بذلك وزعم بعضهم أن معاوية كان قد سمع الحديث المذكور وإنما أراد استثبات المغيرة واحتج بما في الموطأ من وجه آخر عن معاوية أنه كان يقول على المنبر أيها الناس إنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطى لما منع الله ولا ينفع ذا الجد منه الجد من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ثم يقول سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد (قوله
(٢٧٥)