وتعالى عنها (قوله فإذا صلى أحدكم فليقل) بين حفص في روايته المذكورة محل القول ولفظه فإذا جلس أحدكم في الصلاة وفي رواية حصين المذكورة إذا قعد أحدكم في الصلاة وللنسائي من طريق أبي الأحوص عن عبد الله كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين وأن محمدا علم فواتح الخير وخواتمه فقال إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا وله من طريق الأسود عن عبد الله فقولوا في كل جلسة ولابن خزيمة من وجه آخر عن الأسود عن عبد الله علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها وزاد الطحاوي من هذا الوجه في أوله وأخذت التشهد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقنيه كلمة كلم وللمصنف في الاستئذان من طريق أبي معمر عن ابن مسعود علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفى بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن واستدل بقوله فليقل على الوجوب خلافا لمن لم يقل به كمالك وأجاب بعض المالكية بأن التسبيح في الركوع والسجود مندوب وقد وقع الأمر به في قوله صلى الله عليه وسلم لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم اجعلوها في ركوعكم الحديث فكذلك التشهد وأجاب الكرماني بان الأمر حقيقته الوجوب فيحمل عليه إلا إذا دل دليل على خلافه ولولا الإجماع على عدم وجوب التسبيح في الركوع والسجود لحملناه على الوجوب انتهى وفي دعوى هذا الإجماع نظر فإن أحمد يقول بوجوبه ويقول بوجوب التشهد الأول أيضا ورواية أبي الأحوص المتقدمة وغيرها تقويه وقد قدمنا ما فيه قبل بباب وقد جاء عن ابن مسعود التصريح بفرضية التشهد وذلك فيما رواه الدارقطني وغيره بإسناد صحيح من طريق علقمة عن ابن مسعود كنا لا ندري ما نقول قبل أن يفرض علينا التشهد (قوله التحيات) جمع تحية ومعناها السلام وقيل البقاء وقيل العظمة وقيل السلامة من الآفات والنقص وقيل الملك وقال أبو سعيد الضرير ليست التحية الملك نفسه لكنها الكلام الذي يحيا به الملك وقال ابن قتيبة لم يكن يحيا إلا الملك خاصة وكان لكل ملك تحية تخصه فلهذا جمعت فكان المعنى التحيات التي كانوا يسلمون بها على الملوك كلها مستحقة لله وقال الخطابي ثم البغوي ولم يكن في تحياتهم شئ يصلح للثناء على الله فلهذا أبهمت ألفاظها واستعمل منها معنى التعظيم فقال قولوا التحيات لله أي يجري التعظيم له وقال المحب الطبري يحتمل أن يكون لفظ التحية مشتركا بين المعاني المقدم ذكرها وكونها بمعنى السلام أنسب هنا (قوله والصلوات) قيل المراد الخمس أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل في كل شريعة وقيل المراد العبادات كلها وقيل الدعوات وقيل المراد الرحمة وقيل التحيات العبادات القولية والصلوات العبادات الفعلية والطيبات الصدقات المالية (قوله والطيبات) أي ما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله دون ما لا يليق بصفاته مما كان الملوك يحيون به وقيل الطيبات ذكر الله وقيل الأقوال الصالحة كالدعاء والثناء وقيل الأعمال الصالحة وهو أعم قال ابن دقيق العيد إذا حمل التحية على السلام فيكون التقدير التحيات التي تعظم بها الملوك مستمرة لله وإذا حمل على البقاء فلا شك في اختصاص الله به وكذلك الملك الحقيقي والعظمة التامة وإذا حملت الصلاة على العهد أو الجنس كان التقدير أنها لله واجبة لا يجوز أن يقصد بها غيره وإذا حملت على الرحمة فيكون معنى قوله لله أنه المتفضل بها لأن الرحمة التامة لله يؤتيها من يشاء وإذا حملت على الدعاء فظاهر وأما الطيبات فقد فسرت
(٢٥٨)