أي مع وجود العلة المرخصة للتخلف فلو تكلف قوم الحضور فصلى بهم الإمام لم يكره فالأمر بالصلاة في الرحال على هذا للإباحة لا للندب ومطابقة ذلك لحديث ابن عباس من قوله فيه فنظر بعضهم إلى بعض لما أمر المؤذن أن يقول الصلاة في الرحال فإنه دال على أن بعضهم حضر وبعضهم لم يحضر ومع ذلك خطب وصلى بمن حضر وأما قوله وهل يخطب يوم الجمعة في المطر فظاهر من حديث بن عباس وقد تقدم الكلام عليه في الأذان أيضا وفيه أن ذلك كان يوم الجمعة وأن قوله أنها عزمة أي الجمعة وأما مطابقة حديث أبي سعيد فمن جهة أن العادة في يوم المطر أن يتخلف بعض الناس وأما قول بعض الشراح يحتمل أن يكون ذلك في الجمعة فمردود لأنه سيأتي في الاعتكاف أنها كانت في صلاة الصبح وحديث أنس لا ذكر للخطبة فيه ولا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على كل ما في الترجمة (قوله وعن حماد) هو معطوف على قوله حدثنا حماد بن زيد وليس بمعلق وقد تقدم في الأذان عن مسدد عن حماد عنهما جميعا (قوله نحوه) أي بمعظم لفظه وجميع معناه ولهذا استثنى منه لفظ أحرجكم وأن في هذا بدلها أوثمكم إلى الآخرة ويحتمل أن يكون المراد بالاستثناء أنهما متفقان في المعنى وفي الرواية الثانية هذه الزيادة (قوله فتجيئون) كذا للأكثر بإثبات النون وهو على حذف مقدر وللكشميهني فتجيئوا وقد تقدمت مباحث الحديث في كتاب الأذان وحديث أبي سعيد يأتي في الاعتكاف ومسلم شيخه فيه هنا هو ابن إبراهيم وهشام هو الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن وقوله سألت أبا سعيد أي عن ليلة القدر (قوله في حديث أنس قال رجل من الأنصار) قيل إنه عتبان بن مالك وهو محتمل لتقارب القصتين لكن لم أر ذلك صريحا وقد وقع في رواية ابن ماجة الآتية أنه بعض عمومة أنس وليس عتبان عما لأنس إلا على سبيل المجاز لأنهما من قبيلة واحدة وهي الخزرج لكن كل منهما من بطن (قوله معك) أي في الجماعة في المسجد (قوله وكان رجلا ضخما) أي سمينا وفي هذا الوصف إشارة إلى علة تخلفه وقد عده بن حبان من الأعذار المرخصة في التأخر عن الجماعة وزاد عبد الحميد عن أنس وإني أحب أن تأكل في بيتي وتصلى فيه (قوله فبسط له حصيرا) سبق الكلام فيه في حديث أنس في أوائل الصلاة في باب الصلاة على الحصير (قوله فصلى عليه ركعتين) زاد عبد الحميد فصلى وصلينا معه (قوله فقال رجل من آل الجارود) في رواية علي بن الجعد عن شعبة الآتية للمصنف في صلاة الضحى فقال فلان بن فلان بن الجارود وكأنه عبد الحميد بن المنذر بن الجارود البصري وذلك أن البخاري أخرج هذا الحديث من رواية شعبة وأخرجه في موضع آخر من رواية خالد الحذاء كلاهما عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس وأخرجه أبن ماجة وابن حبان من رواية عبد الله بن عون عن أنس ابن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعا وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس فحينئذ رواية ابن ماجة إما من المزيد في متصل الأسانيد وإما أن يكون فيها وهم لكون ابن الجارود كان حاضرا عند أنس لما حدث بهذا الحديث وسأله عما سأله من ذلك فظن بعض الرواة أن له فيه رواية وسيأتي الكلام على فوائده في باب صلاة الضحى ومطابقته لهذه الترجمة إما من جهة ما يلزم من الرخصة لمن له عذر أن يتخلف عن الحضور فإن ضرورة مواظبته صلى الله عليه وسلم على الصلاة بالجماعة
(١٣٣)