فلان في ظل الملك وهو قول عيسى بن دينار وقواه عياض وقيل المراد ظل عرشه ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن سبعة يظلهم الله في ظل عرشه فذكر الحديث وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس فهو أرجح وبه جزم القرطبي ويؤيده أيضا تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر وهو عند المصنف في كتاب الحدود وبهذا يندفع قول من قال المراد ظل طوبى أو ظل الجنة لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة ثم أن ذلك مشترك لجميع من يدخلها والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة فيرجح أن المراد ظل العرش وروى الترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد مرفوعا أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل (قوله الإمام العادل) اسم فاعل من العدل وذكر بن عبد البر أن بعض الرواة عن مالك رواه بلفظ العدل قال وهو أبلغ لأنه جعل المسمى نفسه عدلا والمراد به به صاحب الولاية العظمى ويلتحق به كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه ويؤيده رواية مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه أن المقسطين عند الله منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا وأحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع أمر الله بوضع كل شئ في موضعه من غير إفراط ولا تفريط وقدمه في الذكر لعموم النفع به (قوله وشاب) خص الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوى (قوله في عبادة ربه) في رواية الإمام أحمد عن يحيى القطان بعبادة الله وهي رواية مسلم وهما بمعنى زاد حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر حتى توفي على ذلك أخرجه الجوزقي وفي حديث سلمان أفنى شبابة ونشاطه في عبادة الله (قوله معلق في المساجد) هكذا في الصحيحين وظاهره أنه من التعليق كأنه شبهه بالشئ المعلق في المسجد كالقنديل مثلا إشارة إلى المريض الملازمة بقلبه وأن كان جسده خارجا عنه ويدل عليه رواية الجوزقي كأنما قلبه معلق في المسجد ويحتمل أن يكون من العلاقة وهي شدة الحب ويدل عليه رواية أحمد معلق بالمساجد وكذا رواية سلمان من حبها وزاد الحموي والمستملي متعلق بزيادة مثناة بعد الميم وكسر اللام زاد سلمان من حبها وزاد مالك إذا خرج منه حتى يعود إليه وهذه الخصلة هي المقصودة من هذا الحديث للترجمة ومناسبتها للركن الثاني من الترجمة وهو فضل المساجد ظاهرة وللأول من جهة ما دل عليه من الملازمة للمسجد واستمرار الكون فيه بالقلب وأن عرض للجسد عارض (قوله تحابا) بتشديد الباء وأصله تحاببا أي اشتركا في جنس المحبة وأحب كل منهما الآخر حقيقة لا إظهارا فقط ووقع في رواية حماد بن زيد ورجلان قال كل منهما للآخر إني أحبك في الله فصدرا على ذلك ونحوه في حديث سلمان (قوله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه) في رواية الكشميهني اجتمعا عليه وهي رواية مسلم أي على الحب المذكور والمراد أنهما داما على المحبة الدينية ولم يقطعاها بعارض دنيوي سواء اجتمعا حقيقة أم لا حتى فرق بينهما الموت ووقع في الجمع للحميدي اجتمعا على خير ولم أر ذلك في شئ من نسخ الصحيحين ولا غيرهما من المستخرجات وهي عندي تحريف * (تنبيه) * عدت هذه الخصلة واحدة مع أن متعاطيها اثنان لأن المحبة لا تتم إلا باثنين أو لما كان المتحابان بمعنى واحد كان
(١٢١)