على ذا مننت وهذا خذلت * وهذا أعنت وذا لم تعن فمنهم شقى ومنهم سعيد * ومنهم قبيح ومنهم حسن (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا احمد الحسين (1) بن علي يقول سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول سمعت الربيع يقول سمعت البويطي يقول من قال القرآن مخلوق فهو كافر قال الله عز وجل (إنما قولنا لشئ إذا أردناه ان تقول له كن فيكون) فأخبر الله انه يخلق الخلق بكن فمن زعم أن كن مخلوق فقد زعم أن الله يخلق الخلق بخلق (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي قالا سمعنا أبا محمد جعفر بن محمد بن الحارث يقول سمعت أبا زكريا يحيى بن زكريا يقول سمعت المزني يقول القرآن كلام الله غير مخلوق (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو محمد المزني قال سمعت يوسف بن موسى المروروذي سنة خمس وتسعين ومائتين يقول كنا عند أبي إبراهيم المزني بمصر جماعة من أهل الخراسان وكنا نجتمع عنده بالليل فنلقى المسألة فيما بيننا ويقوم للصلاة فإذا سلم التفت إلينا فيقول أرأيتم لو قيل لكم كذا وكذا بماذا تجيبونهم ويعود إلى صلاته فقمنا ليلة من الليالي فتقدمت انا وأصحاب لنا إليه فقلنا نحن قوم من أهل خراسان وقد نشأ عندنا قوم يقولون القرآن مخلوق ولسنا ممن يخوض في الكلام ولا نستفتيك في هذه المسألة الا لديننا ولمن عندنا لنخبرهم (2) عنك بما تجيبنا فيه فقال القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إن القرآن مخلوق فهو كافر (قال الشيخ رحمه الله) فهذا مذهب أئمتنا رحمهم الله في هؤلاء المبتدعة الذين حرموا التوفيق وتركوا ظاهر الكتاب والسنة بآرائهم المزخرفة وتأويلا تهم المستنكرة وقد سمعت أبا حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ يقول سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول لما قرب حضور أجل أبى الحسن الأشعري رحمه الله في دارى ببغداد دعاني فقال اشهد على أنى لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة لان الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا اختلاف العبارات (قال الشيخ رحمه الله) فمن ذهب إلى هذا زعم أن هذا أيضا مذهب الشافعي رحمه الله ألا تراه قال في كتاب أدب القاضي ذهب الناس من تأول القرآن والأحاديث والقياس أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينا شديدا واستحل فيها بعضهم من بعض بعض ما تطول حكايته وكل ذلك متقادم منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وان خطأه وضلله ثم ساق الكلام إلى أن قال وشهادة من يرى الكذب شركا بالله أو معصية له يوجب عليها النار أولى ان تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المأثم فيها (قالوا) والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفرا دون كفروا هو كما قال الله عز وجل (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون) قال ابن عباس انه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه انه ليس بكفر ينقل عن ملة ولكن كفر دون كفر (قال الشيخ) رحمه الله فكأنهم أرادوا بتكفيرهم ما ذهبوا إليه من نفى هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه وجحود هم لها بتأويل بعيد مع اعتقادهم اثبات ما أثبت الله تعالى فعدلوا عن الظاهر بتأويل فلم يخرجوا به عن الملة وإن كان التأويل خطأ كما لم يخرج من أنكر اثبات المعوذتين في المصاحف كسائر السور من الملة لما ذهب إليه من الشبهة وإن كانت عند غيره خطأ والذي روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله القدرية مجوس هذه الأمة إنما سماهم مجوسا لمضاهاة بعض ما يذهبون إليه مذاهب المجوس في قولهم بالأصلين وهما النور والظلمة يزعمون أن الخير من فعل النور وأن الشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية كذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى غيره والله تعالى خالق الخير والشر والأمران معا منضا فان إليه خلقا وايجادا وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا هذا قول أبى سليمان الخطابي رحمه الله على الخير وقال أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي فيما (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ عنه في الدليل على أن القدرية مجوس هذه الأمة ان المجوس قالت خلق الله بعض هذه الاعراض دون بعض خلق النور ولم يخلق الظلمة وقالت القدرية خلق الله بعض
(٢٠٧)