وسلم ولم تكن لي معه صحبة ولقد رأيت رجالا قد رأوه وقد بلغني من حديثه كما بلغكم ولست أحب ان افتح هذا الباب على نفسي ان أكون محدثا أو قاضيا ومفتيا في النفس شغل يا هرم بن حيان (1) قال فقلت يا اخى اقرأ علي آيات من كتاب الله أسمعهن منك فاني أحبك في الله حبا شديدا وادع بدعوات وأوص بوصية احفظها عنك قال فاخذ بيدي على شاطئ الفرات وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال فشهق شهقة ثم بكى مكانه ثم قال قال ربي تعالى ذكره وأحق القول قوله وأصدق الحديث حديثه وأحسن الكلام كلامه وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما الا بالحق حتى بلغ إلى من رحم الله انه هو العزيز الرحيم ثم شهق شهقة ثم سكت فنظرت إليه وانا احسبه قد غشي عليه ثم قال يا هرم بن حيان مات أبوك وأوشك ان تموت ومات أبو حيان فاما إلى الجنة واما إلى النار ومات آدم ومات حواء يا ابن حيان ومات نوح وإبراهيم خليل الرحمن يا ابن حيان ومات موسى نجي الرحمن يا ابن حيان ومات داود خليفة الرحمن يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن ومات أبو بكر خليفة المسلمين يا ابن حيان ومات اخى وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب ثم قال واعمراه رحم الله عمر وعمر يومئذ حي وذلك في آخر خلافته قال فقلت له رحمك الله ان عمر بن الخطاب بعد حي قال بلى ان نفهم فقد علمت ما قلت وانا وأنت في الموتى وكان قد كان ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا بدعوات خفاف ثم قال هذه وصيتي إليك يا هرم بن حيان كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله ولقد نعيت على نفسي ونعيتك فعليك بذكر الموت فلا يفارقن عليك طرفة وانذر قومك إذا رجعت إليهم وأنصح أهل ملتك جميعا واكدح لنفسك وإياي وإياك ان تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم فتدخل النار يوم القيامة قال ثم قال اللهم ان هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من اجلك اللهم عرفني وجهه في الجنة وادخله علي زائرا في دارك دار السلام واحفظه ما دام في الدنيا حيث ما كان وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير وما أعطيته من الدنيا فيسره له واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين واجزه خير الجزاء استودعتك الله يا هرم بن حيان والسلام عليك ورحمة الله ثم قال لي لا أراك بعد اليوم رحمك الله فاني اكره الشهرة والوحدة أحب إلي لأني شديد الغم كثير الهم ما دمت مع هؤلاء الناس حيا في الدنيا ولا تسئل عنى ولا تطلبني واعلم انك منى على بال ولم ارك ولم ترني فاذكرني وادع لي فاني سأذكرك وادعو لك إن شاء الله تعالى انطلق هاهنا حتى اخذ هاهنا قال فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى علي ففارقته يبكى وابكي قال فجعلت انظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت أحدا يخبرني عنه بشئ فرحمه الله وغفر له وما اتت علي جمعة الا وانا أراه في منامي مرة أو مرتين أو كما قال *
(٤٠٧)