حموين لي من المشركين فانفلت عليهما ليقتلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان ذلك له قد آجرنا من اجرت وآمنا من آمنت فرجعت إليهما فأخبرتهما فانصرفا إلى منازلهما فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة جالسان في ناديهما متنضلين في الملا المزعفرة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا سبيل إليهما قد آمناهما قال الحارث بن هشام وجعلت استحيى ان يراني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واذكر رؤيته إياي في كل موطن من المشركين ثم اذكر بره ورحمته فألقاه وهو داخل المسجد فتلقاني بالبشر ووقف حتى جئته فسلمت عليه وشهدت شهادة الحق فقال الحمد لله الذي هداك ما كان مثلك يجهل الاسلام قال الحارث فوالله ما رأيت مثل الاسلام جهل (قال) ابن عمر وحدثني الضحاك بن عثمان أخبرني عبد الله بن عبيد ابن عمير سمعت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في حجته وهو واقف على راحلته وهو يقول والله انك لخير الأرض وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت قال فقلت يا ليتنا لم نفعل فارجع إليها فإنها منبتك ومولدك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني سألت ربي عز وجل فقلت اللهم انك أخرجتني من أحب أرضك إلي فأنزلني أحب الأرض إليك فأنزلني المدينة قال ابن عمر ولم يزل الحارث مقيما بمكة بعد أن أسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله فلما جاء كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يستنفر المسلمين إلى غزو الروم قدم ابن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل ابن أبي عمرو على أبي بكر المدينة فأتاهم في منازلهم فرحب بهم وسلم عليهم وسر بمكانهم ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام فشهد الحارث بن هشام فحل وأجنادين ومات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة فخلف عمر بن الخطاب على امرأته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة وهي أم عبد الله بن الحارث وكان عبد الرحمن يقول ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب وكان عبد الرحمن بن الحارث بن هشام من اشراف قريش * (أخبرني) الحسن بن حليم الدهقان بمرو ثنا محمد بن عمرو الفزاري انا عبدان بن عثمان انا عبد الله بن المبارك انا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال خرج الحارث بن هشام رضي الله عنه من مكة فخرج أهل مكة جزعا شديدا ولم يبق أحد الا خرج يشيعه حتى إذا كان بأعلى البطحاء أو حيث شاء من ذلك فوقف ووقف الناس حوله يبكون فلما رأى جزع الناس قال يا أيها الناس ما خرجت رغبة بنفسي عن أنفسكم ولا اختيار بلد على بلدكم ولكن هذا الامر قد كان وخرج فيه رجال من قريش والله ما كانوا من ذوي أسنانها " ولا من بيوتاتها فأصبحت والله لو أن جبال مكة ذهب فأنفقناها في سبيل الله ما أدركنا يوما من أيامهم وأيم الله لئن فاتونا
(٢٧٨)