الأكمه والأبرص والأعمى فكفر به قوم وتبعه قوم وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه قال وقالوا قبل ذلك يا غلام ان لك لربا وان لك معادا وان بين يديك جنة ونار إليها تصيرون وان هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى الله ما يصنعون وليسوا على دين فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام انصرف وانصرفت معه ثم غدونا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن ولزمتهم فقالوا لي يا سلمان انك غلام وانك لا تستطيع ان تصنع كما نصنع فصل ونم وكل واشرب قال فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى اتاهم في برطيلهم فقال يا هؤلاء قد جاورتموني فأحسنت جواركم ولم تروا منى سوءا فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي قد أجلتكم ثلاثا فان قدرت عليكم بعد ثلاث أحرقت عليكم برطيلكم هذا فالحقوا ببلادكم فاني اكره أن يكون منى إليكم سوء قالوا نعم ما تعمدنا مساءتك ولا أردنا الا الخير فكف ابنه عن اتيانهم فقلت له اتق الله فإنك تعرف ان هذا الدين دين الله وان أباك ونحن على غير دين إنما هم عبدة النار لا يعبدون الله فلا تبع آخرتك بدين غيرك قال يا سلمان هو كما تقول وإنما أتخلف عن القوم بغيا عليهم ان تبعت القوم طلبني أبي في الجبل وقد خرج في اتياني إياهم حتى طردهم وقد اعرف ان الحق في أيديهم فاتيتهم في اليوم الذي أرادوا ان يرتحلوا فيه فقالوا يا سلمان قد كنا نحذر مكان ما رأيت فاتق الله تعالى واعلم أن الدين ما أوصيناك به وان هؤلاء عبدة النيران لا يعرفون الله تعالى ولا يذكرونه فلا يخدعنك أحد عن دينك قلت ما انا بمفارقكم قالوا أنت لا تقدران تكون معنا نحن نصوم النهار ونقوم الليل ونأكل عند السحر ما أصبنا وأنت لا تستطيع ذلك قال فقلت لا أفارقكم قالوا أنت اعلم وقد أعلمناك حالنا فإذا اتيت خذ مقدار حمل يكون معك شئ تأكله فإنك لا تستطيع ما نستطيع بحق قال ففعلت ولقينا اخى فعرضت عليه ثم اتيتهم يمشون وامشي معهم فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل فاتينا بيعة بالموصل فلما دخلوا احتفوا بهم وقالوا أين كنتم قالوا كنافي بلاد لا يذكرون الله تعالى فيها عبدة النيران وكنا نعبد الله فطردونا فقالوا ما هذا الغلام فطفقوا يثنون علي وقالوا صحبنا من تلك البلاد فلم نر منه الا خيرا قال سلمان فوالله انهم لكذلك إذ طلع عليهم رجل من كهف جبل قال فجاء حتى سلم وجلس فحفوا به وعظموه أصحابي الذين كنت معهم وأحدقوا به فقال أين كنتم فأخبروه فقال ما هذا الغلام معكم فأثنوا علي خيرا وأخبروه باتباعي إياهم ولم أر مثل اعظامهم إياه فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر من أرسل من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع به وذكر مولد عيسى ابن مريم عليه السلام وانه ولد بغير ذكر فبعثه الله عز وجل رسولا وأحيى على يديه الموتى وانه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وانزل عليه الإنجيل وعلمه التوراة وبعثه رسولا إلى بني إسرائيل فكفر به قوم وآمن به قوم وذكر بعض ما لقي عيسى ابن مريم وانه كان عبد الله أنعم الله عليه فشكر ذلك له ورضى الله عنه حتى قبضه الله عز وجل وهو يعظهم ويقول اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى عليه الصلاة والسلام ولا تخالفوا فيخالف بكم ثم قال من أراد أن يأخذ من هذا شيئا فليأخذ فجعل الرجل يقوم فيأخذ الجرة من الماء والطعام فقام أصحابي الذين جئت معهم فسلموا عليه وعظموه وقال لهم ألزموا هذا الدين وإياكم
(٦٠٠)