رآني وقال أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله فقال الحق ومضى فاتبعته ودخل منزله فاستأذنته فاذن لي فوجد لبنا في قدح فقال من أين لكم هذا اللبن فقيل أهداه لنا فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أبا هريرة فقلت لبيك قال الحق أهل الصفة فادعهم فهم أضياف الاسلام لا يأوون على أهل ولا على مال إذا اتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا اتته هدية أرسل إليهم فأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك وقلت ما هذا القدح بين أهل الصفة وانا رسوله إليهم فيأمرني ان أدوره عليهم فما عسى ان يصيبني منه وقد كنت ارجوان يصيبني منه ما يغنيني ولم يكن بد من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله فاتيتهم فدعوتهم فلما دخلوا عليه واخذوا مجالسهم قال أبا هر خذ القدح فاعطهم فأخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرده وأناوله الآخر فيشرب حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد روي القوم كلهم فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القدح فوضعه على يديه ثم رفع رأسه إلي فتبسم وقال يا أبا هر فقلت لبيك يا رسول الله فقال اقعد فاشرب فشربت ثم قال اشرب فشربت ثم قال اشرب فشربت فلم أزل اشرب ويقول اشرب حتى قلت والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا فاخذ القدح فحمد الله وسمى ثم شرب * صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة * (حدثنا) أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا محمد بن سابق ثنا مالك بن مغول عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لقد كان أصحاب الصفة سبعين رجلا مالهم أردية * هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه * (قال الحاكم) تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ورعا وتوكلا على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وآله اختاره الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وآله من المسكنة والفقر والتضرع لعبادة الله عز وجل وترك الدنيا لأهلها وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن فمن جرى على سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والانس بالفقر وترك التعرض للسؤال فهم في كل عصر باهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلون (وقد حدثنا) شيخ التصوف في عصره أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ثنا أبو محمد الجريري قال سمعت سهل بن عبد الله التستري يقول لما بعث الله عز وجل النبي صلى الله عليه وآله كان في الدنيا سبعة أصناف من الناس الملوك والمزارعون وأصحاب
(١٦)