مهران، سلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإنه ورد علينا أمر ضاقت به الصدور وعجزت عنه الأوساع، وهربنا بأنفسنا عنه، ووكلناه إلى عالمه، لقول الله عز وجل: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ". وهذه المرأة والرجلان أحدهما زوجها والآخر أبوها، وإن أباها - يا أمير المؤمنين - زعم أن زوجها حلف بطلاقها أن علي بن أبي طالب عليه السلام خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله وأنه يزعم أن ابنته طلقت منه وأنه لا يجوز له في دينه أن يتخذه صهرا، وهو يعلم أنها حرام عليه كأمه. وإن الزوج يقول له:
كذبت وأثمت لقد بر قسمي وصدقت مقالتي، وأنها امرأتي على رغم أنفك وغيظ قلبك! فاجتمعوا إلي يختصمون في ذلك، فسألت الرجل عن يمينه، فقال: نعم قد كان ذلك، وقد حلفت بطلاقها أن عليا خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله عرفه من عرفه وأنكره من أنكره فليغضب من غضب وليرضى من رضي. وتسامع الناس بذلك، فاجتمعوا له، وإن كانت الألسن مجتمعة فالقلوب شتى. وقد علمت يا أمير المؤمنين! اختلاف الناس في أهوائهم وتسرعهم إلى ما فيه الفتنة، فأحجمنا عن الحكم لتحكم بما أراك الله.
وإنهما تعلقا بها، وأقسم أبوها أن لا يدعها معه، وأقسم زوجها أن لا يفارقها ولو ضربت عنقه، إلا أن يحكم عليه بذلك حاكم لا يستطيع مخالفته والامتناع منه، فرفعناهم إليك يا أمير المؤمنين، أحسن الله توفيقك وأرشدك. وكتب في أسفل الكتاب:
إذا ما المشكلات وردن يوما * فحارت في تأملها العيون وضاق القوم ذرعا عن بناها * فأنت لها - أبا حفص - أمين لأنك قد حويت العلم طرا * وأحكمك التجارب والشؤون وخلفك الإله على الرعايا * فحظك فيهم الحظ الثمين