العدد طائلا تعتمده.
وأما قولك: إنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول، لأن المكان يجمع المؤمن والكافر، كما يجمع العدد المؤمنين والكفار. وأيضا فإن مسجد النبي صلى الله عليه وآله أشرف من الغار، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار، وفي ذلك قوله عز وجل: " فما للذين قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين ". وأيضا فإن سفينة نوح قد جمعت النبي والشيطان والبهيمة والكلب! والمكان لا يدل على ما أوجبت من الفضيلة، فبطل فضلان.
وأما قولك: إنه أضاف إليه بذكر الصحبة فإنه أضعف من الفضلين الأولين، لأن اسم الصحبة يجمع بين المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قوله تعالى: " قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ". وأيضا فإن اسم الصحبة تطلق بين العاقل وبين البهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب - الذي نزل القرآن بلسانهم، فقال الله عز وجل: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " - أنهم سموا الحمار صاحبا فقالوا:
إن الحمار مع الحمار مطية * فإذا خلوت به فبئس الصاحب وأيضا قد سموا الجماد مع الحي صاحبا، قالوا ذلك في السيف شعرا:
زرت هندا وذاك غير اختيان * ومعي صاحب كتوم اللسان [زرت هندا وذاك بعد اجتناب * ومعي صاحب كلؤم اللسان] يعني السيف، فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لصاحبك فيه؟
وأما قولك: إنه قال: " لا تحزن " فإنه وبال عليه ومنقصة له ودليل على خطئه، لأن قوله: " لا تحزن " نهي، وصورة النهي قول القائل: " لا تفعل " لا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان طاعة فإن