النبي صلى الله عليه وآله لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
وأما قولك: إنه قال: " إن الله معنا " فإن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر أن الله معه، وعبر عن نفسه بلفظ الجمع، كقوله: " إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ". وقيل أيضا في هذا: إن أبا بكر قال: يا رسول الله، حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " لا تحزن إن الله معنا " أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأما قولك: إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه ترك للظاهر، لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود، وكذا يشهد ظاهر القرآن في قوله:
" فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها " فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود، وفي هذا إخراج للنبي صلى الله عليه وآله من النبوة.
على أن هذا الموضع لو كتمته عن صاحبك كان خيرا، لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي صلى الله عليه وآله في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها، فقال في أحد الموضعين: " فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى " وقال في الموضع الآخر: " أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها " ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة قال: " فأنزل الله سكينته عليه " فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان.