وما ذكرناه عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مستفيض قد تواتر به الخبر على التحقيق، وما ذكره هذا الرجل عنه عليه السلام من الحديثين: فأحدهما شاذ وارد من طريق الآحاد غير مرضي الإسناد، والآخر ظاهر البطلان، لانقطاع إسناده وعدم وجوده في نقل معروف من الثقات، وليس يجوز المقابلة في مثل هذه الأخبار، بل الواجب إسقاط الظاهر منها الشاذ، وإبطال المتواتر ما ضاده من الآحاد.
والثاني: أنه لما ذكره الخصم من الحديث الأول عن أمير المؤمنين عليه السلام غير وجه، يلائم ما ذكرناه من فضل مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في العلم على سائر الأنام.
منها: أنه صلوات الله عليه إنما كان يستحلف على الأخبار لئلا يجترئ مجترئ على الإضافة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بسماع ما لم يسمعه منه، وإنما ألقي إليه عنه فحصل عنده بالبلاغ.
ومنها: أنه عليه السلام كان يستحلف مع العلم بصدق المخبر ليتأكد خبره عند غيره من السامعين، فلا يشك فيه ولا يرتاب ومنها: أنه عليه السلام كان استحلف فيما عرفه يقينا ليكون ذلك حجة له إذا حكم على أهل العناد، ولا يقول منهم قائل عند حكمه بذلك: قد حكم بالشاذ.
ومنها: أن يكون استحلافه صلوات الله عليه للمخبر بما لا يتضمن حكما في الدين ويتضمن أدبا وموعظة ولفظة حكمة أو مدحة لإنسان أو مذمته، فلا يجب إذا علم ذلك من غيره أن يكون فقيرا في علم الدين إليه وناقصا في العلم عن رتبته.
على أن لفظ الحديث " ما حدثني أحد بحديث إلا استحلفته " فهذا يوجب بالضرورة أنه كان يستحلف على ما يعلم، لأنه محال أن يكون كل من حدثه بما لا يعلم، فإذا ثبت أنه قد استحلف على علم لأحد ما ذكرناه أو لغيره من العلل