وقلت: أيها الشيخ: أخبرني ما وجه الدلالة على فضل صاحبك أبي بكر - عتيق ابن أبي قحافة - من قول الله تعالى: " ثاني اثنين إذ هما في الغار "؟ [فإني أرى من ينتحل مودتكما يذكر أن له فضلا كثيرا].
فقال: وجه الدلالة على فضل أبي بكر من هذه الآية في ستة مواضع:
أولها: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وذكر أبا بكر معه، فجعله ثانيه، فقال: " ثاني اثنين إذ هما في الغار ".
والثاني: أنه وصفهما بالاجتماع في مكان واحد تأليفا بينهما، فقال: " إذ هما في الغار ".
والثالث: أنه أضافه إليه بذكر الصحبة ليجمعه بينهما بما يقتضي الرتبة، فقال: " إذ يقول لصاحبه ".
والرابع: أنه أخبر عن شفقة النبي صلى الله عليه وآله عليه ورفقه به لموضعه عنده فقال: " لا تحزن ".
والخامس: أنه أخبر أن الله معهما على حد سواء ناصرا لهما ودافعا عنهما فقال: " إن الله معنا ".
والسادس: أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم تفارقه السكينة قط، فقال: " فأنزل الله سكينته عليه ".
فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار، لا يمكنك ولا لغيرك الطعن فيها.
فقلت له: جرت بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه، وإني بعون الله سأجعل جميع ما أتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
أما قولك: إن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وجعل أبا بكر ثانيه فهو إخبار عن العدد، لعمري! لقد كانا اثنين، فما في ذلك من الفضل؟
ونحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا أو مؤمنا وكافرا اثنان، فما أرى لك في ذكر