عليه السلام وهو خليفته، كما كان هارون خليفة موسى عليه السلام.
ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام، فقال: أسألكم أو تسألوني؟ قالوا:
بل نسألك. فقال: قولوا.
فقال قائل منهم: أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله من نقل الفرض، مثل الظهر أربع ركعات، وفي مائتين درهم خمسة دراهم، والحج إلى مكة؟ فقال: بلى. قال: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها؟
قال المأمون: لأن جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس والرغبة ما يقع في الخلافة.
فقال آخر: ما أنكرت أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أمرهم باختيار رجل يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم أن يستخلف هو بنفسه، فيعصى خليفته، فينزل العذاب؟
فقال: أنكرت ذلك من قبل أن الله عز وجل أرأف بخلقه من النبي صلى الله عليه وآله وقد بعث نبيه صلى الله عليه وآله وهو يعلم أن فيهم العاصي والمطيع، فلم يمنعه ذلك من إرساله.
وعلة أخرى: لو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم، فلو كان أمر الكل من كان المختار؟ ولو أمر بعضا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا البعض علامة، فإن قلت: الفقهاء، فلا بد من تحديد الفقيه وسمته.
قال آخر: فقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله عز وجل حسن، وما رأوه قبيحا فهو عند الله تبارك وتعالى قبيح.
فقال: هذا القول لا بد من أن يريد كل المؤمنين أو البعض؟ فإن أراد