كثرة جريه وعدوه. وكقول الله عز وجل: " ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ " أي كأنه ما يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد لمات.
ثم قال: يا إسحاق! ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة؟ فقلت: بلى.
قال: أرأيت لو أن رجلا قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا، أكان عندك كافرا؟ قلت: لا. قال: أفرأيت لو قال: ما أدري أهذه السورة قرآن أم لا، أكان عندك كافرا؟ قلت: بلى. قال: أرى فضل الرجل يتأكد.
خبرني يا إسحاق! عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟ قال: بلى.
قال: بان والله عنادك! لا يخلو هذا إما أن يكون كما دعا النبي صلى الله عليه وآله أو يكون مردودا، أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه، أو تزعم أن الله لم يعرف الفاضل من المفضول! فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به؟.
قال إسحاق: فأطرقت ساعة، ثم قلت، يا أمير المؤمنين! إن الله عز وجل يقول في أبي بكر: " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه صلى الله عليه وآله.
فقال: سبحان الله! ما أقل علمكم باللغة والكتاب! أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن؟ فأي فضيلة في هذه؟ أما سمعت الله عز وجل يقول: " قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا " فقد جعله له صاحبا.
وقال الهذلي:
ولقد غدوت وصاحبي وحشية تحت الرداء بصيرة بالمشرق وقال الأزدي:
ولقد دعوت الوحش فيه وصاحبي محض القوائم من هجان هيكل