الحق حيث كان ورد الباطل على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقربوا إلى الله برضوانه وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.
إني رجل أزعم أن عليا خير البشر بعد النبي صلى الله عليه وآله، فإن كنت مصيبا فصوبوا قولي، وإن كنت مخطئا فردوا علي، وهلموا، فإن شئتم سألتكم وإن شئتم سألتموني.
فقال له الذين يقولون بالحديث: بل نسألك. فقال: هاتوا، وقلدوا كلامكم رجلا منكم، فإذا تكلم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزد، وإن أتى بخلل فسددوه.
فقال قائل منهم: أما نحن فنزعم أن خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله أبو بكر، ومن قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول صلى الله عليه وآله قال: " اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر " فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنه لم يأمر بالاقتداء إلا بخير الناس.
فقال المأمون: الروايات كثيرة، ولا بد من أن يكون كلها حقا، أو كلها باطلا، أو بعضها حقا وبعضها باطلا. فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا من قبل أن بعضها ينقض بعضا ولو كانت كلها باطلا كان في بطلانها بطلان الدين ودروس الشريعة. فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أن بعضها حق وبعضها باطل، فإذا كان كذلك، فلا بد من دليل على ما يحق منها ليعتقد وينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما أعتقده وآخذ به.
وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أحكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق وأبعد الناس من الأمر بالمحال وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أن هذين