فكيف تستوحشون من خلاف ذريته وتوجبون على أنفسكم قبول قولهم على كل حال؟.
فقال: معاذ الله! ما نذهب إلى هذا ولا يذهب إليه أحد من الفقهاء، وهذه شناعة منك على القوم بحضرة هؤلاء الرؤساء.
فقلت له: لم أحك إلا ما أقيم عليه البرهان، ولا ذكرت إلا معروفا لا يمكن أحدا من أهل العلم دفعي عنه لما هو عليه من الاشتهار، لكنك أنت تريد أن تتجمل بضد مذهبك على هؤلاء الرؤساء. ثم أقبلت على القوم، فقلت:
لا خلاف عند شيوخ هذا الرجل وأئمته وفقهائه وسادته أن أمير المؤمنين عليه السلام قد يجوز عليه الخطأ في شئ يصيب فيه عمرو بن العاص زيادة على ما حكيت عنه من المقال! فاستعظم القوم ذلك وأظهروا البراءة من معتقده، وأنكره هو وزاد في الإنكار. فقلت له: أليس من مذهبك ومذهب هؤلاء الفقهاء أن عليا عليه السلام لم يكن معصوما كعصمة النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: بلى. قلت: فلم لا يجوز عليه الخطأ في شئ من الأحكام؟ فسكت.
ثم قلت له: أليس عندكم أن أمير المؤمنين عليه السلام قد كان يجتهد رأيه في كثير من الأحكام، وأن عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة كانوا من أهل الاجتهاد؟ قال: بلى. قلت له: فما الذي يمنع من إصابة هؤلاء القوم ما يذهب على أمير المؤمنين عليه السلام من جهة الاجتهاد مع ارتفاع العصمة عنه وكون هؤلاء القوم من أهل الاجتهاد؟ فقال: ليس يمنع من ذلك مانع. قلت له: فقد أقررت بما أنكرت الآن، ومع هذا فليس من أصلك أن كل أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله يؤخذ من قوله ويترك إلا ما انعقد عليه الإجماع. قال: بلى. قلت له: أفليس هذا يسوغكم الخلاف على أمير المؤمنين عليه السلام في كثير من أحكامه التي لم يقع عليه الإجماع؟.
وبعد، فليست لي حاجة إلى هذا التعسف، ولا أنا مفتفر فيما حكيت إلى هذا