الاستدلال، لأنه لا أحد من الفقهاء إلا وقد خالف أمير المؤمنين عليه السلام في بعض أحكامه ورغب عنها إلى غيرها، وليس فيهم أحد وافقه في جميع ما حكم به من الحلال والحرام.
وإني لأعجب من إنكارك ما ذكرت، وصاحبك الشافعي يخالف أمير المؤمنين عليه السلام في الميراث والمكاتب ويذهب إلى قول زيد فيهما!
ويروي عنه أنه كان لا يرى الوضوء من مس الذكر، ويقول هو: إن الوضوء منه واجب وإن عليا عليه السلام خالف الحكم فيه بضرب من الرأي! وحكى الربيع عنه في كتابه المشهور: أنه لا بأس بصلاة الجمعة والعيدين خلف كل أمين وغير مأمون ومتغلب، صلى علي بالناس وعثمان محصور، فجعل الدلالة على جواز الصلاة خلف المتغلب على أمر الأمة صلاة الناس خلف علي في زمن حصر عثمان، فصرح بأن عليا كان متغلبا، ولا خلاف أن المتغلب على أمر الأمة فاسق ضال. وقال: لا بأس بالصلاة خلف الخوارج، لأنهم متأولون وإن كانوا فاسقين.
فمن يكون هذا مذهبه ومقالة إمامه وفقيهه يزعم معه أنه لو صح له عن أمير المؤمنين شئ أو عن ذريته لدان به! لولا أن الذاهب إلى هذا يريد التلبيس.
وليس في فقهاء الأمصار - سوى الشافعي - إلا وقد شارك الشافعي في الطعن على أمير المؤمنين - عليه السلام - وتزييف كثير من قوله والرد عليه في أحكامه، حتى أنهم يصرحون بأن الذي يذكره أمير المؤمنين - عليه السلام - في الأحكام معتبر، فإن أسنده إلى النبي - صلى الله عليه وآله - قبلوه منه على الظاهر العدالة، كما يقبلون من أبي موسى الأشعري وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة ما يسندونه إلى النبي صلى الله عليه وآله بل كما يقبلون من حمال في السوق على ظاهر العدالة ما يرويه مسندا إلى النبي - صلى الله عليه وآله - فأما ما قال أمير المؤمنين - عليه السلام - من غير إسناد إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - كان موقوفا على سيرهم ونظرهم