أنا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله " يريد إلا أن يلجئهم الله، والذين قال الله فيهم: " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ".
ثم قال جل قائلا في تفضيلهم وهو يوجه القول إلى إبليس: " لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " وقوله تعالى: " وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين " وقوله تعالى: " تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب " فقطع بالنار عليه وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب. وإذا كان الأمر على ما وصنفناه بطل ما توهمتموه على هذا الجواب.
والجواب الآخر: أن الله سبحانه إذا رد الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لما أدركه الغرق " قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين " قال الله سبحانه له:
" الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " فرد الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم، لأنهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأن الحكمة تمنع من قبول التوبة أبدا ويوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.
وهذا هو الجواب الصحيح على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمد صلى الله وآله، فروي عنهم في قوله تعالى: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون " فقالوا: إن هذه الآية هو القائم عليه السلام، فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف. وهذا يسقط ما اعتمده السائل.
سؤال: فإن قالوا: في هذا الجواب ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على ما أصلتموه قد أغرى عباده بالعصيان وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنهم