جواب معاوية:
بسم الله الرحمن الرحيم. من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر، سلام على أهل طاعة الله.
أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه وما أصفى به نبيه، مع كلام ألفته ووضعته لرأيك فيه تضعيف ولأبيك فيه تعنيف، ذكرت حق ابن أبي طالب وقديم سوابقه وقرابته من نبي الله صلى الله عليه ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول، واحتجاجك علي بفضل غيرك لا بفضلك، فأحمد آلها صرف الفضل عنك وجعله لغيرك! وقد كنا وأبوك معنا في حياة من نبينا صلى الله عليه نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده وأتم له ما وعده وأظهر دعوته وأفلج حجته، قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتز وخالفه على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهم، فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما، فهما به الهموم وأرادا به العظيم، فبايع وسلم لهما لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضا وانقضى أمرهما. ثم قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان يهتدي بهديهما ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما له وأظهرتما [وكشفتما] عداوتكما وغلكما حتى بلغتما منه مناكما، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر! فسترى وبال أمرك، وقس شبرك بفترك تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه [و] لا تلين على قسر قناته، ولا يدرك ذو مدى أناته، أبوك مهد مهاده، وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يك جورا فأبوك أسسه ونحن شركاؤه، ويهديه أخذنا وبفعله اقتدينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك، فاحتذينا بمثاله واقتدينا بفعاله، فعب