يا ناقتي لا تذعري من زجري * وشمري قبل طلوع الفجر بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلي بكريم النجر الماجد الرح رحيب الصدر * اتى به الله لخير أمر ثمت أبقاه بقاء الدهر قال فلما انتهوا إلى الحسين انشدوه هذه الأبيات فقال اما والله اني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا قتلنا أم ظفرنا.
وأقبل إليهم الحر بن يزيد فقال إن هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وانا حابسهم أو رادهم فقال له الحسين: لأمنعنهم مما امنع منه نفسي إنما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت أعطيتني ان لا تعرض لي بشئ حتى يأتيك كتاب من ابن زياد فقال: أجل لكن لم يأتوا معك قال: هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي فان أتممت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك، فكف عنهم الحر، ثم قال لهم الحسين: أخبروني خير الناس وراءكم؟
فقال له مجمع بن عبد الله العائذي، وهو أحد النفر الأربعة الذين جاؤوه: اما اشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، يستميل ودهم، ويستخلص به نصيحتهم، فهم ألب واحد عليك، واما سائر الناس بعد فان أفئدتهم تهوى إليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك، قال: أخبروني فهل لكم برسولي إليكم قالوا: من هو؟
قال: قيس بن مصهر الصيداوي، فقالوا: نعم اخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى ابن زياد فأمره ابن زياد ان يلعنك ويلعن أباك فصلى عليك وعلى أبيك ولعن ابن زياد وأباه ودعا إلى نصرتك، وأخبرهم بقدومك، فأمر به ابن زياد فألقى من طمار القصر، فترقرقت عينا حسين (ع) ولم يملك دمعه ثم قال: منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك.
ثم دنا الطرماح بن عدي من الحسين فقال له والله اني لأنظر فما أرى معك أحدا ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما لم تر عيني في صعيد واحد جمعا أكثر منه فسألت عنهم فقيل اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون إلى الحسين فأنشدك الله إن قدرت على أن لا تقدم عليهم شبرا إلا فعلت فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به