الشيطان وتركوا طاعة الرحمان وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفئ وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله وأنا أحق من غير وقد اتتني كتبكم وقدمت على رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني فان تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (ص) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم في أسوة وان لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم والمغرور من اغتر بكم فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وخطب بذى حسم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنه قد نزل من الامر ما قد ترون وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت جذاء فلم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل الا ترون ان الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فانى لا أرى الموت الا شهادة ولا الحياة مع الظالمين الا برما.
فقام زهير بن القين البجلي فقال لأصحابه: تكلمون أم أتكلم؟ قالوا لا بل تكلم فحمد الله فأثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا بن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين الا ان فراقها في نصرك ومواساتك، لاثرنا الخروج معك على الإقامة فيها فدعا له الحسين ثم قال له خيرا، وأقبل الحر يسايره وهو يقول له يا حسين انى أذكرك الله في نفسك فاني اشهد لئن قاتلت لتقتلن ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى، فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني، ما أدرى ما أقول لك ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه ولقيه وهو يريد نصرة رسول الله (ص) فقال له: أين تذهب فإنك مقتول! فقال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وآسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا يغش ويرغما فلما سمع ذلك منه الحر تنحى عنه وكان يسير بأصحابه في ناحية وحسين في ناحية أخرى حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعي هنالك فإذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي على فرسه وهو يقول: