وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس (1): والله لو اني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ثم قال له: أرأيت ان نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الامر من بعدك؟ قال: " الامر إلى الله يضعه حيث يشاء " قال: فقال له: أفنهدف نحورنا (2) للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الامر لغيرنا؟!! لا حاجة لنا بأمرك (3).
ان هذا العربي كان يفهم (أمر رسول الله) على أنه سيادة وحكم على العرب، فأراد أن يعقد مع الرسول حلفا يكون لقبيلته الحكم والسيادة على العرب من بعد الرسول، لكن الرسول امتنع من اجابته رغم حاجته الشديدة يومذاك إلى المؤازرين، لان الامر ليس إليه وإنما الامر إلى الله يضعه حيث يشاء.
وكذلك كان شأن هوذة بن علي الحنفي في طلبه من الرسول حين دعاه الرسول إلى الاسلام كما في طبقات ابن سعد، ما ملخصه:
كتب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الاسلام، فكتب في جواب النبي صلى الله عليه وآله " ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الامر أتبعك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت " (4).
نرى أن الرسول صلى الله عليه وآله قصد من " سيابة ": الأرض المهملة. اذن فقد طلب هوذة من الرسول أن يجعل له بعض الامر: امارة ما على أرض أو قبيلة وما شابههما فأجابه الرسول أنه لا يؤمره ولا على سيابة من الأرض، وهذا القول من الرسول نظير قول أهل الكوفة أو البصرة عندما وظف واليهم على كل واحد منهم نقل كمية من