أربعون يوما وليلة رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي إن كنت استجبت دعائي، وغفرت خطيئتي فاوح إلى نبيك وأن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي، وأردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (والذين إذا فعلوا فاحشة) يعني الزنا أو ظلوا أنفسهم يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا وهو نبش القبور وأخذ الأكفان، ذكروا الله واستغفروا لذنوبهم يقول خافوا الله فعجلوا التوبة، ومن يغفر الذنوب إلا الله.
يقول عز وجل: أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته فأين يذهب، والى من يقصد ومن يسأل أن يغفر له ذنبا غيري ثم قال عز وجل: (ولم يصروا على ما فعلوه وهم يعون) يقول: لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الأكفان (أولئك جزائهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج وهو يتلوها ويتبسم فقال لأصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب فقال معاذ: يا رسول الله بلغنا إنه في موضع كذا وكذا فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلى عنقه، وقد اسود وجهه وتساقطت أشفار عينيه من البكاء وهو يقول: سيدي قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي أفي النار تحرقني أو في جوارك تسكنني اللهم إنك قد أكثرت الاحسان إلي وأنعمت علي.
فليت شعري ماذا يكون آخر أمري إلى الجنة تزفني أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والأرض، ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه، وقد أحاطت به السباع وصفت فوقه الطير وهم يبكون لبكائه، فدنا رسول الله فأطلق يديه من عنقه ونفض التراب عن رأسه، وقال: يا بهلول أبشر فإنك عتيق الله من النار ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول: ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة. ذكرت قصة نباش آخر، وذلك كما في الأمالي كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور فمرض جار له فخاف الموت فبعث إلى النباش وأحضره، وقال: كيف كان جواري لك؟ قال: أحسن جوار قال: فإن لي إليك