محنتي فقال علي بن الحسين (ع). فقد أذن الله في فرجك يا فلانة احملي سحوري وفطوري فحملت قرصتين فقال علي بن الحسين (ع) لرجل: خذها فليس عندنا غيرها فإن الله يكشف عنك بهما وينيلك خيرا فأخذهما الرجل ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما ويتفكر في نقل دينه وسوء حاله وحال عياله، ويوسوس إليه الشيطان أين موقع هاتين من حاجتك فمر بسماك قد بارت عليه سمكته قد أراحت فقال له سمكتك هذه بائرة عليك واحدى قرصتي هاتين بائرة علي فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة؟ فقال: نعم فأعطاه السمكة وأخذ القرصة، فمر برجل معه ملح قليل مزهود فيه فقال هل لك أن تعطيني ملحك المزهود فيه؟ قال: نعم ففعل ذلك فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال: أصلح هذا بهذا فلما شق بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين فحمد الله عليهما فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه فخرج ينظر من بالباب فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جائا يقول: كل واحد منهما له يا عبد الله جهدنا أن يأكل واحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال قد رددنا إليك هذا الخبر وطيبنا لك ما أخذته فأخذ القرصين منهما.
فلما استقر بعد انصرافهما عنه قرع بابه فإذا رسول علي بن الحسين (ع) فدخل فقال: إنه يقول لك إن الله قد أتاك بالفرج فأردد إلينا طعامنا فإنه لا يأكله غيرنا وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه وحسنت بعد ذلك حاله فقال بعض المخالفين ما أشد هذا التفاوت بينا علي بن الحسين (ع) لا يقدر أن يسد منه فاقة إذا أغناه هذا الغناء العظيم كيف يكون هذا، وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم فقال علي بن الحسين (ع): هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. كيف يمض إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في أثني عشر يوما وذلك حين هاجر منها. ثم قال علي بن الحسين جهلوا والله أمر أوليائه معه إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم نعم هكذا كانوا عليهم السلام مع إن الله جازاهم على صبرهم على المكاره والمحن، ونجح طلباتهم لا يطلبون من الله إلا ما يريده عباد