واحد من هاتين اللفظتين موضوعة للمعنى المخصوص فذلك بالعقل لا بالوضع) خبط وذهول، إذ كان الكلام في ضم بعض الألفاظ المفردة إلى البعض الآخر، كما هو صريح كلامه سابقا حيث قال: (فأما ضم بعض تلك الألفاظ إلى البعض بعد صيرورة كل واحد منهما موضوعا لمعناه المفرد فذلك أمر عقلي). ومن المعلوم أن ضم بعض الألفاظ إلى البعض عبارة عن التركيب بين الألفاظ بحسب القواعد في ذلك اللسان، كضم الفعل إلى الفاعل، والمضاف إلى المضاف إليه، والمبتدأ إلى الخبر.. وهكذا.. وضم بعض الألفاظ إلى البعض هو بحسب الاستعمال والنطق، وأما نسبة الحيوان إلى الإنسان فهو بحسب التصور والتعقل، فالتمثيل بهذا المثال لذاك المعنى تهافت وذهول، لأن كلامنا في صحة اقتران لفظ بلفظ في الاستعمال، وليس الكلام في نسبة المفاهيم والمصاديق، وكون الأول من الأمور المنقولة والثاني من الأمور المعقولة غير مخفي على أحد، كما لا يخفى بطلان قياس أحدهما على الآخر.
(4) قوله: (وإذا ثبت ذلك فلفظة..) ما الذي ثبت؟! الذي ذكره أمران، أحدهما ادعاء، والآخر تمثيل، فأما الدعوى المحضة فلا تثبت أمرا، وأما التمثيل فكذلك إن كان مطابقا للممثل له، فكيف بهذا المثال الذي ذكره، البعيد عن الممثل له غاية البعد؟!
(5) إن قياس معنى (من) على معنى (الإنسان) و (الحيوان) من البطلان بمكان، لأن كلا من اللفظتين مستقلة بالمفهومية، بخلاف (من) فإن معناها غير مستقل، ولا مناسبة بين المستقل وغير المستقل.
(6) قوله: (فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل) من غرائب المجازفات وعجائب التقولات، لا تجده في أبسط كتاب من كتب النحو، ولا يتفوه به أحد من أصاغر الطلبة، ولو صح ما ذكره لبطل الكثير من