على أن صريح كلام التفتازاني والقوشجي - الذي أورده صاحب بحر المذاهب أيضا - هو شيوع مجئ (المولى) بمعنى (الأولى بالتصرف) في كلام العرب، وإن ذلك منقول عن أئمة اللغة.
بل إن مجئ (المولى) بمعنى (المتصرف في الأمر) و (متولي الأمر) و (ولي الأمر) و (المليك) - كما ظهر لك كل ذلك سابقا - يكفينا لإثبات المرام.
مجمل واقعة الغدير وإن أراد (الدهلوي) أنه إن كان (المولى) بمعنى (الأولى) فما الدليل على كون المراد منه في حديث الغدير هو (الأولوية في التصرف)؟
فيظهر جوابه من النظر فيما وقع يوم غدير خم، ومجمله - كما تفيد روايات القوم - إن الله تعالى أوحى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) بأن يبلغ الناس بأن عليا (عليه السلام) مولاهم، فخشى " ص " أن تقع الفتنة بين الناس إن بلغهم ذلك، فشكى إلى ربه عز وجل وحدته وقلة أصحابه المخلصين وأن القوم سيكذبونه، فأوحى الله تعالى إليه: [يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس] فنزل " ص " بغدير خم وليس بالموضع اللائق للنزول، وكان يوما هاجرا جدا يستظل الناس فيه بأرديتهم ودوابهم، ثم أمر " ص " فقم ما كان هنالك من شوك وصنع له منبر من أقتاب الإبل، وكان عدد الحاضرين في ذلك اليوم مائة وعشرين ألف نسمة، وقد علم الجميع بأن هذا آخر اجتماع لهم من هذا القبيل، والنبي " ص " يوشك أن يدعى إلى ربه، فأمر رسول الله أن يرد من