والثاني - قال الكلبي: يعني أولى بكم، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة. واعلم: إن هذا الذي قالوه معنى وليس بتفسير للفظ، لأنه لو كان (مولى) و (أولى) بمعنى واحد في اللغة لصح استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن يصح أن يقال: (هذا مولى من فلان) كما يقال:
(هذا أولى من فلان) ويصح أن يقال: (هذا أولى فلان) كما يقال: (هذا مولى فلان). ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير.
وإنما نبهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لما تمسك في إمامة علي بقوله [عليه السلام]: (من كنت مولاه فعلي مولاه) قال: أحد معاني (مولى) أنه (أولى) واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية بأن مولى معناه أولى. وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه، لأن ما عداه إما بين الثبوت ككونه ابن العم والناصر أو بين الانتفاء كالمعتق والمعتق، فيكون على التقدير الأول عبثا، وعلى التقدير الثاني كذبا.
وأما نحن فقد بينا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير وحينئذ يسقط الاستدلال) (1).
5 - خدشة النيسابوري لكلام الرازي ولكن ما أسلفنا من البحوث كاف لإسقاط وإبطال هذا الكلام، على أنه قد بلغ من السقوط والهوان حدا لم يتمكن النيسابوري من السكوت عليه، بالرغم من متابعته للرازي في كثير من المواضع، قال النيسابوري ما نصه: (هي مولاكم قيل: المراد أنها تتولى أموركم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار. وقيل أراد هي أولى بكم، قال جار الله: حقيقته هي محراكم ومقمنكم. أي مكانكم