العرب رفضت ذلك، كما أن (مذاكير) جمع لمفرد لم ينطق به، وكذلك (لييلية) تصغير لشئ لم ينطق به، و (أصيلان) تصغير لشي لم ينطق به، وإن كان أصله أن ينطق به، وكذلك (سبحان الله) إذا نظرت إلى معناه وجدت الإخبار عنه صحيحا، لكن العرب رفضت ذلك، وكذلك (لكاع ولكع) وجميع الأسماء التي لا تستعمل إلا في النداء، إذا رجعت إلى معانيها وجدت الإخبار ممكنا فيها، بدليل الإخبار عما هي في معناه، لكن العرب رفضت ذلك.
وقال أيضا في قولك زيدا أضربه: ضعف فيه الرفع على الابتداء، والمختار النصب، وفيه إشكال من جهة الإسناد، لأن حقيقة المسند والمسند إليه ما لا يستقل الكلام بأحدهما دون صاحبه، واضرب ونحوه يستقل به الكلام وحده، ولا تقدر هنا أن تقدر مفردا تكون هذه الجملة في موضعه، كما قدرت في زيد ضربته.
فإن قلت: فكيف جاء هذا مرفوعا وأنت لا تقدر على مفرد يعطي هذا المعنى؟
قلت: جاء على تقدير شئ رفض ولم ينطق به، واستغنى عنه بهذا الذي وضع مكانه، وهذا وإن كان الأصل فيه بعد إذا أنت تدبرته وجدت له نظائر، ألا ترى أن (قام) أجمع النحويون على أن أصله قوم، وهذا ما سمع قط فيه ولا في نظيره فكذلك زيد أضربه كأن أضربه وضع موضع مفرد مسند إلى زيد على معنى الأمر، ولم ينطق قط به ويكون كقام.
وقال أيضا: مصدر عسى لا يستعمل وإن كان الأصل لأنه أصل مرفوض) (1).
أقول: وهذا القدر للرد على ما ادعاه الرازي وارتضاه أتباعه.
(7) قوله: (وإذا ثبت ذلك فلفظة (الأولى) إذا كانت موضوعة لمعنى ولفظة (من) موضوعة لمعنى آخر، فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل). واضح البطلان، لأن اقتران (من) ب (الأولى) مأخوذ