دار الايمان، كما هاجر من مكة إلى المدينة، وقيل يقتضي ذلك ترك الشهوات والأخلاق الذميمة والخطايا، وقوله " إني مهاجر إلى ربي " (1) أي تارك لقومي وذاهب إليه، وكذا المجاهدة تقتضي مع مجاهدة العدى مجاهدة النفس ما روي في الخبر: رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو مجاهدة النفس.
63 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن السندي بن محمد، عن محمد بن الصلت، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: صلى أمير المؤمنين عليه السلام الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على الناس بوجهه فقال: والله لقد أدركت أقواما يبيتون لربهم سجدا وقياما يخالفون بين جباههم وركبهم، كأن زفير النار في آذانهم، إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر، كأنما القوم باتوا غافلين، قال: ثم قام فما رئي ضاحكا حتى قبض عليه السلام (2).
بيان: " القيد " بالكسر القدر في النهاية يقال بيني وبينه قيد رمح، وقادر رمح أي قدر رمح " يخالفون بين جباههم وركبهم " أي يضعون جباههم على التراب خلف ركبهم، يأتون بأحدهما عقيب الاخر، وهو قريب من المراوحة التي وردت في غيره، وقيل أي يجعلون التفاوت بين جلوسهم وسجودهم، فكأن سجودهم أطول من جلوسهم.
ثم اعلم أن الركب يحتمل أن يكون المراد به الجلوس كما فهمه الأكثر أو الركوع لوضع اليد عليه أو القيام لكون الاعتماد عليه، والأخير أوفق بما مر " كأن زفير النار في آذانهم " إشارة إلى سبب تمرنهم بالطاعات وإحياء الليالي بالعبادات، وهو كون علمهم بأحوال الجنة والنار في مرتبة عين اليقين، والزفير صوت توقد النار.
" مادوا " أي اضطربوا وتحركوا واقشعروا من الخوف، وهو تلميح إلى