بين التشبيه هنا وبين ما سبق، حيث شبه هناك بعض المؤمنين بها وههنا جميعهم بها هو أنه شبه المعاصي هناك بالريح، وههنا شبه البلايا والأمراض بها، " تكفئها " بالهمز أي تقلبها، في القاموس: كفأه كمنعه: صرفه وكبه وقلبه، كأكفأه (1) وقال: الإزربة، والمرزبة مشددتان، أو الأولى فقط: عصية من حديد (2) و " حتى " في قوله: " حتى يأتيه الموت " متعلق بالجار والمجرور في قوله:
" كمثل الإرزبة "، وفي المصباح: قصفت العود قصفا فانقصفت، مثل كسرته فانكسر، لفظا ومعنا.
ومثل هذه الرواية رواها مسلم في صحيحه باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تكفئها الرياح: تصرفها مرة، وتعدلها أخرى، حتى يأتيه أجله، ومثل المنافق مثل الإرزة (3) المجذية التي لا يصيبها شئ حتى يكون انجعافها مرة واحدة، وفي رواية أخرى مثل الكافر.
قال عياض: الخامة هي الزرع أول ما ينبت، ومعنى تكفئها بضم التاء تميلها الريح وتلقيها بالأرض كالمصروع، ثم تقيمه يقوم على سوقه، ومعنى المجذية:
الثابتة، يقال: أجذى يجذي، و " الانجعاف ": الانقطاع، يقال: جعفت الرجل صرعته.
وقال محيي الدين: الإرزة - بالفتح - وقال بعضهم: هي الإرزة بالمد وكسر الراء على وزن فاعلة، وأنكره أبو عبيد، وقال أهل اللغة: الإرزة بالمد الثابتة، وهذا المعنى صحيح ههنا، فانكار أبي عبيد إنكار الرواية لا إنكار اللغة.
وقال أبو عبيد: شبه المؤمن بالخامة التي تميلها الريح، لأنه يرزأ في نفسه وماله، وشبه الكافر بالإرزة لأنه لا يرزأ في شئ حتى يموت، وإن رزئ لم يوجر حتى يلقى الله بذنوب جمة.
26 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة