وهم الحواريون، وإنما أضافهم إلى نفسه لان عيسى عليه السلام أرسلهم بأمره " فقالوا إنا إليكم مرسلون ".
" قالوا " يعني أهل القرية " ما أنتم إلا بشر مثلنا " فلا تصلحون للرسالة كما لا نصلح نحن لها " وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين ".
إلى قوله تعالى: " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " وكان اسمه حبيب النجار، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين، وكان قد آمن بالرسول عند ورودهم القرية وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل وهموا بقتلهم، جاء يعدو ويشتد، " قال يا قوم اتبعوا المرسلين " الذين أرسلهم الله إليكم، وأقروا برسالتهم.
قالوا: وإنما علم هو نبوتهم لأنهم لما دعوه قال: أتأخذون على ذلك أجرا؟
قالوا: لا، وقيل: إنه كان به زمانة أو جذام فأبرؤوه فآمن بهم عن ابن عباس.
" اتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون * ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون * أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمان بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا هم ينقذون * إني إذا لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون " فاسمعوا قولي واقبلوه، وقيل: إنه خاطب بذلك الرسل، أي فاسمعوا ذلك حتى تشهدوا لي به عند الله عن ابن مسعود.
قال: ثم إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه، وطئوه بأرجلهم، حتى مات فأدخله الله الجنة وهو حي فيها يرزق، وهو قوله: " قيل ادخل الجنة " وقيل:
رجموه حتى قتلوه، وقيل: إن القوم لما أرادوا أن يقتلوه رفعه الله إليه فهو في الجنة ولا يموت إلا بفناء الدنيا وهلاك الجنة، عن الحسن ومجاهد، وقالا إن الجنة التي دخلها يجوز هلاكها.
وقيل: إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه وأدخله الجنة، فلما دخلها قال:
" يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ".