المشيخة - في خبر - إن ملكا من ملائكة الفردوس الأعلى (١) نزل على البحر، ونشر أجنحته عليها، ثم صاح صيحة وقال: يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن، فإن فرخ الرسول مذبوح.
قلت: وفي هذه الأخبار، والقصص، إشارة أو دلالة على عدم كراهة لبس السواد، أو رجحانه حزنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، كما عليه سيرة كثير في أيام حزنه ومأتمه.
ونقل ابن شهرآشوب في مناقبه (٢)، عن تاريخ الطبري، ان إبراهيم الامام انفذ إلى أبي مسلم لواء النصرة، وظل السحاب، وكان أبيض طوله أربعة عشر ذراعا، مكتوب عليها بالحبر: ﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير﴾ (3) فأمر أبو مسلم غلامه أرقم، ان يتحول بكل لون من الثياب، فلما لبس السواد، قال: معه هيبة، فاختاره خلافا لبني أمية، وهيبة للناظر، وكانوا يقولون: هذا السواد حداد آل محمد (عليهم السلام)، وشهداء كربلا، وزيد، ويحيى.
وقال ابن فهد في التحصين (4): قيل لراهب رئي عليه مدرعة شعر سوداء: ما الذي حملك على لبس السواد؟ فقال: هو لباس المحزونين، وانا أكبرهم (5)، فقيل: له ومن اي شئ أنت محزون؟
قال: لأني أصبت في نفسي، وذلك اني قتلتها في معركة الذنوب، فأنا حزين عليها، ثم أسبل دمعه، القصة.