أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده).
وأمر كل نبي بالأخذ بالسبيل والسنة والسبيل التي أمر الله عز وجل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله عليهم السب وكان من أعظم السبت ولم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله، أدخله الله الجنة، ومن استخف بحقه واستحل ما حرم الله عليه من عمل الذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله عز وجل النار، وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت، غضب الله عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن ولا شكوا في شيء مما جاء به موسى (عليه السلام)، قال الله عز وجل: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاشئين) ثم بعث الله عيسى (عليه السلام) بشهادة أو لا إله إلا الله والإقرار بما جاء به من عند الله وجعل لهم شرعة ومنهاجا فهدمت السب الذي أمروا به أن يعظموه قبل ذلك وعامة ما كانوا عليه من السبيل والسنة التي جاء بها موسى فمن لم يتبع سبيل عيسى أدخله الله النار وإن كان الذي جاء به النبيون جميعا أن لا يشركوا بالله شيئا، ثم بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بمكة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله إلا أدخله الله الجنة باقراره وهو إيمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك إلا من أشرك بالرحمن.
وتصديق ذلك أن الله عزوجل أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا - إلى قوله: تعالى - إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء ما نهي عنه، وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها وقال: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا. ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا. وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا. ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا. ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا. كل ذلك كان سيئة عن ربك مكروها. ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا) وأنزل في (والليل إذا يغشى): (فأنذرتكم نارا تلظي. لا يصليها إلا الأشقى الذي كذب وتولي) فهذا مشرك وأنزل في (إذا السماء انشقت): (وأما من اوتى كتابه وراء ظهره، فسوف يدعو ثبورا، ويصلى سعيرا. إنه كان في أهله مسرورا. إنه ظن أن لن يجوز بلي» فهذا مشرك. وأنزل في [