للعلماء لا يمكن حصوله بدون العلم بالمطالب. وبالايمان الايمان الكامل وهو الاعتقاد بالجنان والاقرار باللسان والعمل بالأركان، وبالاخلاص تجريد جميع ذلك عن غير وجه الله تعالى وتطهير القلب عما سواه وان كان لازما للفعل فلو أعتق العبد لله مع قصد الفراغ من ايفاقه أيضا، أو صلى في الليل مع قصد حفظ متاعه، أو توضأ لله مع قصد تبرده أو أعطى السائل لله مع قصد تخلصه من ابرامه أو عمل طاعة أو ترك معصية لقصد الفوز بالثواب والنجاة من العقاب، فالظاهر أن هذه القصود تنا في الاخلاص كما ذهب اليه جمع كثير من العلماء أو تنافي كما له كما ذهب اليه طائفة.
وبالأربعين هذا العدد إذ فيه يبلغ الانسان إلى كماله في القوة العقلية والقوى الادراكية فيستعد استعدادا تاما لأن يزهده الله في الدنيا ويوفقه لتركها.
قوله: (فزهده (1) عليه أو ميل القلب إليها وصرفه عنها أو الضار والنافع منها في الآخرة أعنى المعصية والطاعة.
قوله: (فأثبت الحكمة في قلبه) أي جعلها راسخة فيه بحيث يرى بها صور الحقائق الملكوتية وجمال الاسرار اللاهوتية، ويجوز أن يقرأ «أنبت» بالنون فيكون تمثيلا لزيادتها ونموها بالإخلاص بانبات الزرع ونموه بالماء لقصد الايضاح.
قوله: (وأنطق بها لسانه) فيتكلم ما ينفعه وينفع غيره في الدنيا والآخرة حتى يعد في الصديقين وهذه الخواص الخمس المرتبة على الاخلاص أمهات المنجيات.
قوله: (ثم تلا) لعل الغرض من تلاوتها هو التنبيه على أن غير المخلص مندرج فيها والوعيد متوجه اليه أيضا لأنك قد عرفت أن قلبه ساقط لكونه ذا شرك أو شك وهما بدعة وافتراء على الله ورسوله. والآية على تقدير نزولها في قوم مخصوصين لا يقتضى تخصيص الوعيد وهو الغضب والذلة بهم، لأن الامر إذا جرى على قوم لصفة وجدت في غيهم هي أو نظيرها جرى ذلك الامر في ذلك الغير أيضا، ومن ثم قيل «خصوص السبب لا يوجب تخصيص الحكم» وعلى هذه فالآية بيان لفحوى الحديث وحجة لمفهومه، فهي وان نزلت في أصحاب السامري لكن جرى حكمها في أصحاب سامري هذه الأمة ويلحق الغضب والعقوبة والذلة بهم آجلا وعاجلا لقتلهم وأسرهم عند ظهور الدولة القاهرة، وكذا جرى حكمها في أصحاب الشرك والشك والبدعة والافتراء إلى يوم القيامة، والله أعلم.
قوله: (وكذلك) أي مثل جزاء من اتخذ العجل من الغصب والذلة.