فداه يفديه فداء.
قوله: (ثم كلف ما لم يكلف أحد من الانبياء) «ثم» ها أيضا مثل ما مر لأن هذا التكليف أعظم التكليفات وأشقها على النفوس البشرية ولا يصبر عليها إلا من أيده الله تعالى بالنفس المقدسة وقد نقل أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقدم في حرب حنين بعد انهزام أصحابه على أعدائهم الذين لم يعلم عددهم إلا الله وأظهر اسمه الشريف فقال أنا محمد بن عبد الله. وهذا دل على كمال شجاعته (صلى الله عليه وآله وسلم).
قوله: (وأنزل عليه سيف من السماء في غير غمد) لعل اسمه ذو الفقار وهو عند الصاحب (عليه السلام) وكونه في غير غمد تحريص له على القتال وإشارة إلى أن سيفه ينبغي أن لا يغمد.
قوله: (وقيل له قاتل - الخ) قال القاضي «قاتل في سبيل الله» إن تثبطوا وتركوك وحدك، لا يكلف الا فعل نفسك، لا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم، فتقدم إلى الجهاد إن لم يساعدك أحد فإن الله ناصرك لا الجنود.
* الأصل 2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز وجل: (فاصبر كما صبر أولوالعزم من الرسل) فقال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، قلت: كيف صاروا اولي العزم؟ قال: لأن نوحا بعث بكتاب وشريعة وكل من جاء من نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم (عليه السلام) أخذ بشرية إبراهيم ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته، ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف وكل نبي جاء بعد موسى (عليه السلام) أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح (عليه السلام) بالإنجيل; وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء اولوالعزم من الرسل.
* الشرح قوله: (فاصبر) أمره بالصبر من المصايب وأذى القوم ومشاق التبليغ والتكاليف كما صبر أولو العزم من الرسل، سموا بذلك لأن جدهم وصبرهم كان أعلى وأكمل ولعزيمة كل واحد نسخ شريعة من قله. وترك كتابه لا كفرا ولا انكارا لحقيقته، بل إيمانا به وبصلاحه في وقت دون آخر وللنسخ مصالح يعلمها الله تعالى والعبد مأمور بالتسليم وكان من جملته ابتلاء الخلق واختبارهم في ترك ما كانوا متمسكين به في الدنيا والدنيا دار الابتلاء وكل ما يجري على الخلق فيها من الصحة والسقم والغني والفقر والتكاليف وغيرها كان الغرض منه هو الابتلاء.