شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٥٣
رؤس الاشهاد أو باعتبار أنهم يحبون طاعة الله تعالى وميل قلوبهم إليها فلا يقدح ذلك في الخلوص وإن كان باعتبار رفع منزلته عندهم وتعظيمهم إياه إلى غير ذلك من التسويلات النفسانية والتدليسات الشيطانية فهذا رياء وشرك محبط للعمل وناقل له من كفة الحسنات إلى كفة السيئات ومن ميزان الرجحان إلى ميزان الخسران، ولذلك ورد في كثير من الروايات الأمر باخفاء العمل واستاره حفظا له عن الرياء المنافي لإخلاصه المفسد له بالكلية، وظاهر هذا التفسير يدل على أن قصد الثواب أو الخلاص من العقاب لا ينافي الخلوص كما يدل عليه كثير من الرويات مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من ترك معصية مخافة الله عز وجل أرضاه يوم القيامة» وقوله «قال الله تعالى «لا يتكل العاملون لي على أعمالهم التي يعملونها لثوابي - الحديث» وذهب جماعة من العلماء إلى أنه ينافي الاخلاص ويفسد العمل ودليلهم ضعيف والاحتياط ظاهر.
قوله: (والنية أفضل من العمل) النية في اللغة عزم القلب على أمر من الأمور، في العرف إرادة ايجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا، وتلك الإرادة إذا تحققت فيه تسرى إلى الأعضاء وتحركها إلى افعالها، وهي أفضل الاعمال، وإذا ضم هذا مع قوله (عليه السلام): «أفضل الاعمال أحمزها» يفيد أن النية أحمزها، وهو كذلك لأن النية الخالصة يتوقف على قلع القلب عن حب الدنيا ونزعه عن الميل إلى ما سوى الله تعالى، وهذا أشق أشياء على النفس. ولهذا (صلى الله عليه وآله وسلم): «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» حيث عد الجهاد الذي هو أشق الاعمال البدنية أصغر من جهاد النفس وصرف وجهها عن غير الله لأنه أشق والأشق أفضل لما مر. على أن المراد نية المؤمن وهي أدوم وثمرتها أعظم من الاعمال لأن نيته أن لو بقي أبد الآبدين أن يكون مع الايمان بالله والطاعة له وهذه النية من لوازم الايمان ودائمة لا تنقطع بخلاف العمل فإنه ينقطع ولو بقي إلى مائة سنة أو أزيد وثمرتها الخلود في الجنة.
والذي يدل عليه ما روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وانما خلد أهل الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا (قل كل يعمل على شاكلته» قال:
«على نيته» فالعمل تابع النية في الرد والقبول والكمال والنقصان، وفرع لها وهذا وجه آخر لكونها أفضل من العمل لأن الأصل أفضل من الفرع ومن أراد أن يعلم وجوها آخر لأفضليتها فليرجع إلى ما ذكره الشيخ في الحديث السابع والثلاثين من الأربعين.
قوله: (ألا وأن النية هي العمل) لما كان نظام العمل وكماله ونقصانه وقبوله ورده تابعة للنية ومسببة عنها بالغ في حمل العمل عليها بحرف التنبيه وحرف التأكيد واسمية الجملة وتعريف
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428