الممكنات منوط بيد قدرته الكاملة وليس لاحد أن يمنعه من ذلك; وثانيا بان قدرته نافذة في كل واحد منها، وليس لشيء منها اباء عن نفاذها، وثالثا بأنه خلق الموت والحياة أي قدرتهما أو أوجدهما، وفيه دلالة على أن الموت أمر وجودي، والمراد بالموت الموت الطاري على الحياة أو العدم الأصلي فإنه قد يسمى موتا أيضا، وتقديمه على الأول لابد منه بالاضطرار، وعلى الثاني ظاهر لتقدمه بحسب التقدير، ثم علل الوصف الأخير بقوله (ليبلوكم أيكم أحسن عملا» أي ليعاملكم معاملة المختبر مع صاحبه، فهو تمثيل لحاله بحال لمشاهد المعلوم منا لزيادة التنوير والإيضاح، وقوله «أيكم» مفعول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم. ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل لكمال الاحتياج إليه بعده والحياة نعمة تقتضيه وتوجب الاقتدار به، وان أريد به العدم الأصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار، ولما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة وباصابته أخرى أشار نفي إرادة الأول بقوله:
(وليس يعني أكثر عملا) يعني لم يرد جل شأنه بقوله: «أحسن عملا» أكثر عملا لأن مجرد كثرة العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به بل هو تضييع للعمر فيما لا ينفع وإلى إدارة الثاني بقوله:
(ولكن أصوبكم عملا) لان صواب العمل وجودته وخلوصه من الشوائب الرذيلة يوجب القرب منه تعالى وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها كلما كان أصوب كان من الرد أبعد ومن القبول أقرب، ثم بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله:
(إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة) تنبيها على أن قطع المسافة إلى حظائر القدس منه تعالى وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها كلما كان أصوب كان من الرد أبعد ومن القبول أقرب، ثم بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله:
(إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة) تنبيها على أن قطع المسافة إلى حظائر القدس لا يتصور بدونهما، وذلك لان قطع المسافة العقلية يحتاج إلى آلة وأسباب ودفع موانع كقطع المسافة الحسية فلابد للسائر إلى الله تعالى من أمرين أحدهما العمل الصالح وهو بمنزلة المركوب يوصل راكبه إلى غاية مناه، والعمل الصالح لا يتحصل ولا يتقوم بدون نية صادقة حسنة، وهي أن يقصد بالعمل وجه الله تعالى والتقرب إلى لا غيره إذ لو قصد غيره قيد مركوبه بقيد وثيق يمنعه من الحركة من موضعه فيبقى متحيرا بل قد برجع قهقرى إلى أسفل السافلين بإعانة قوم آخرين، وثانيهما حفظ العمل الصالح عن الإحباط بارتكاب المحارم وذلك انما يحصل بملكة الخشية والخوف من الله سبحانه وهي حالة تحصل بملاحظة عظمة الحق وهيبته ومشاهدة جلال كبريائه ولذة قربه وقبح مخالفته وشناعة معصيته وسوء عاقبتهما ولذلك قال الله تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء». ثم أشار إلى أن إصابة العمل وخلوصه ليس بمجرد وقوعه كذلك بل باعتبار بقائه واستمراره ما دام العمر كذلك أيضا بقوله: