شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٥١
الممكنات منوط بيد قدرته الكاملة وليس لاحد أن يمنعه من ذلك; وثانيا بان قدرته نافذة في كل واحد منها، وليس لشيء منها اباء عن نفاذها، وثالثا بأنه خلق الموت والحياة أي قدرتهما أو أوجدهما، وفيه دلالة على أن الموت أمر وجودي، والمراد بالموت الموت الطاري على الحياة أو العدم الأصلي فإنه قد يسمى موتا أيضا، وتقديمه على الأول لابد منه بالاضطرار، وعلى الثاني ظاهر لتقدمه بحسب التقدير، ثم علل الوصف الأخير بقوله (ليبلوكم أيكم أحسن عملا» أي ليعاملكم معاملة المختبر مع صاحبه، فهو تمثيل لحاله بحال لمشاهد المعلوم منا لزيادة التنوير والإيضاح، وقوله «أيكم» مفعول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم. ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل لكمال الاحتياج إليه بعده والحياة نعمة تقتضيه وتوجب الاقتدار به، وان أريد به العدم الأصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار، ولما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة وباصابته أخرى أشار نفي إرادة الأول بقوله:
(وليس يعني أكثر عملا) يعني لم يرد جل شأنه بقوله: «أحسن عملا» أكثر عملا لأن مجرد كثرة العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به بل هو تضييع للعمر فيما لا ينفع وإلى إدارة الثاني بقوله:
(ولكن أصوبكم عملا) لان صواب العمل وجودته وخلوصه من الشوائب الرذيلة يوجب القرب منه تعالى وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها كلما كان أصوب كان من الرد أبعد ومن القبول أقرب، ثم بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله:
(إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة) تنبيها على أن قطع المسافة إلى حظائر القدس منه تعالى وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها كلما كان أصوب كان من الرد أبعد ومن القبول أقرب، ثم بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله:
(إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة) تنبيها على أن قطع المسافة إلى حظائر القدس لا يتصور بدونهما، وذلك لان قطع المسافة العقلية يحتاج إلى آلة وأسباب ودفع موانع كقطع المسافة الحسية فلابد للسائر إلى الله تعالى من أمرين أحدهما العمل الصالح وهو بمنزلة المركوب يوصل راكبه إلى غاية مناه، والعمل الصالح لا يتحصل ولا يتقوم بدون نية صادقة حسنة، وهي أن يقصد بالعمل وجه الله تعالى والتقرب إلى لا غيره إذ لو قصد غيره قيد مركوبه بقيد وثيق يمنعه من الحركة من موضعه فيبقى متحيرا بل قد برجع قهقرى إلى أسفل السافلين بإعانة قوم آخرين، وثانيهما حفظ العمل الصالح عن الإحباط بارتكاب المحارم وذلك انما يحصل بملكة الخشية والخوف من الله سبحانه وهي حالة تحصل بملاحظة عظمة الحق وهيبته ومشاهدة جلال كبريائه ولذة قربه وقبح مخالفته وشناعة معصيته وسوء عاقبتهما ولذلك قال الله تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء». ثم أشار إلى أن إصابة العمل وخلوصه ليس بمجرد وقوعه كذلك بل باعتبار بقائه واستمراره ما دام العمر كذلك أيضا بقوله:
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428