فعرفهم نفسه وأراهم بالرؤية العقلية الشبيهة بالرؤية العينية في الظهور ليحصل لهم الربط به ويعرفوه في دار الغربة ولو لا تلك المعرفة الميثاقية لم يعرف أحد ربه في هذه الدار التي هي دار الفراق ولو لم يكن رابطة تلك المعرفة وسابقة تلك الرابطة لحصل الفراق الكامل ومع تحقيق تلك الرابطة تحقق الفراق الكلى في أكثر الناس فكيف مع عدمها.
قوله: (قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كل مولود يولد على الفطرة» يعنى المعرفة بأن الله عز وجل خالقه) الظاهر بالنظر إلى سياق الكلام أن التفسير من كلام أبي جعفر (عليه السلام) وهذه المعرفة معنى الفطرة في الآية المذكورة أولا وجوابهم ببلى منوط بهذه الفطرة المجبولة التغيير إنما يعرض من خارج كإضلال الأبوين أو غيرهما، وقال بعض العامة وذلك كما أن البهيمة تلد بهيمة سالمة من النقص والتغيير ولا يلحقها قطع الاذن والذنب والكي وغيرها من المقابح إلا بعد الولادة. فكذلك الوالد يولد على الفطرة سالما عن الكفر حتى يدخل عليه التغيير من أمر خارج ويحمله على ما سبق عليه في الكتاب من شقاء، وقال صاحب النهاية: معنى الحديث أن الوالد يولد على نوع من الجبلة وهي فطرة الله وكونه متهيئا لقبول الحق طبعا وطوعا لو خلته شياطين الانس والجن ثم ذكر ولد البهيمة نظيرا له. وقال صاحب المصباح قوله (عليه السلام) «كل مولود على الفطرة» قيل: معناه الفطرة الاسلامية (1) مشكل أن حمل اللفظ على حقيقته فقط لأنه يلزم منه أن يتوارث المشركون مع أولادهم الصغار قبل أن يهودوهم وينصروهم، واللازم منتف بل الوجه حمله على حقيقته ومجازه معا أما حمله