علي بن الحسين (عليه السلام) على المجذمين وهو راكب حماره وهم يتغدون فدعوه إلى الغداء، فقال: أما إني لولا أني صائم لفعلت، فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع، وأمر أن يتنوقوا فيه، ثم دعاهم فتغدوا عنده وتغدي معهم.
* الشرح قوله (مر علي بن الحسين (عليهما السلام) على المجذمين) وفي بعض النسخ «المجذومين» يقال رجل أجذم ومجذوم ومجذم إذا تهافتت أطرافه بالجذام وهو داء يحدث من غلبة السوداء فيفسد مزاح الأعضاء وربما إنتهى إلى أن يأكلها ويأكل ما يوضع فيها والغرض من هذا الحديث هو إظهار تواضعه (عليه السلام) لله تعالى كما يفهم من قوله (وهو راكب حماره) أو للخلق المجذومين فكيف غيرهم كما يفهم من قوله في الاخر (وتغدى معهم) والتنوق نيك در نگريستن در كارى ونيكو ساختن، أو يقال شيء أنيق أي حسن معجب والظاهر أنه (عليه السلام) أكل معهم في إناء واحد وفيه دلالة على جوازه مصاحبة المجذوم ومعاشرته ومواكلته ويؤيده ما رواه المصنف في كتاب الروضة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «إن أعرابيا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله أني أصيب الشاة والبقرة والناقة بالثمن اليسير وبها جرب فأكره شراءها مخافة أن يعدى ذلك الجرب أبلى وغنمي، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا أعرابي فمن أعدى الأول؟
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا عدوى ولا طيرة - الحديث» يعني لا تجاوز العلة صاحبها إلى غيره ومثل هذه الرواية بعينها موجود من طرق العامة أيضا وهو ينافي الرواية المشهورة عندنا وعندهم وهي «فر من المجذوم فرارك من الأسد» فقيل للجمع بينهما أن حديث الفرار ليس للوجوب بل للجواز أو الندب إحتياطا خوف ما يقع في النفس من أمر العدوي والسراية وحديث الأكل والمجالسة للدلالة على الجواز سيما إذا لم يوجس في النفس خوف العدوي. ومما يؤيد ذلك ما روى من طرق العامة عن جابر أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكل مع المجذوم فقال «آكل ثقة بالله وتوكلا عليه» ومن طرقهم أيضا أن امرأة سألت بعض أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الفرار من المجذوم فقال كلا والله وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا عدوى، وقد كان لنا مولى أصابه ذلك فكان يأكل في صحافي ويشرب من قداحي وينام على فراشي. وقال بعض العامة حديث الأكل ناسخ لحديث الفرار، ورده بعضهم بأن الأصل عدم النسخ على أن الحكم بالنسخ يتوقف على العلم بتأخر حديث الأكل وهو غير معلوم وقال بعضهم للجمع أن حديث الفرار على تقدير وجوبه إنما كان لخوف أن يقع في العلة بمشية الله فيعتقد إن العدوي حق. أقول بقي احتمال آخر لم يذكره أحد وهو تخصيص حديث لا عدوى بحديث الفرار مع حمل الفرار على الوجوب وأكل المعصوم معه لا يدل على جواز ذلك لغيره