(فاتقوا الله) التقوى هي الاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقية منه «ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة» فأصل التقوى الخوف من الله بملاحظة جلال الله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته، ولما كانت التقوى هي الحاجزة عن تقحم الدنيا والوغول فيها، وطلبها من حيث لا يجوز أمر أو لا بها وعطف عليها ما هو من لوازمها فقال:
(وأجملوا في طلب) من الجميل أو الأجمل قال في المصباح: أجملت في الطلب رفقت أي أحسنوا في الطلب ولا يكن كدكم فيه كدا فاحشا ولا مذهب إكتسابكم مذهبا باطلا أو ارفقوا فيه واقتصوا، من الرفق في السير إذا قصد.
(ولا يحمل أحدكم إستبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حله) أي لا يبعث أحدكم ذلك على طلبه بطريق غير مشروع، فالمصدر المستفاد من أن يطلبه منصوب بنزع الخافض.
(فإنه لا يدرك ما عند الله) عن الثواب الجزيل والاجر الجميل والرزق الحلال.
(إلا بطاعته) في الأوامر والنواهي، فكما أن من سلك سبيل المصيبة ضل عن سبيل الجنة واستحق العقاب وحرم عن الثواب. فكذلك من طلب الرزق من غير حله حرم عما عنده تعالى من الرزق الحلال واستحق العقاب بكسب الحرام كما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من «أن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله وصبره أتاه رزقه من حله، ومن هتك حجاب الله عز وجل واخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة» وأعلم أن الرزق عند المعتزلة كل ما صح الانتفاع به بالتغذي وغيره وليس الحرام عندهم رزقا، وهذا الحديث يدل عليه، وعند الأشاعرة كل ما ينتفع به ذو حياة بالتغذي وغيره وإن كان حراما وخص بعضهم بالأغذية والأشربة وللطرفين دلائل ومؤيدات تركناها تحرزا من الاطناب.
* الأصل 3 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم; وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: «يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من إتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغامرين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في جميع الأشياء»، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول الله صلى الله عليه وآله فرسول الله خير من علي عليه السلام ثم لا