أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون، إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى و من أخذ في غيرها سلك طريق الردي، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله وهو الإقرار بما نزل من عند الله، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه، فإنه قد خبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله عز وجل وإقام الصلاة وإيتاء الزكوة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، إن الله قد استخلص الرسل لأمره، ثم استخلصهم مصدقين لذلك في نذره فقال: (وإن من امة إلا خلا فيها نذير) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل، إن الله عز وجل: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وكيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم ينذر اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقروا بما نزل من عند الله و اتبعوا آثار الهدى، فإنهم علامات الأمانة والتقى، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم (عليه السلام) وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار. تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم.
* الشرح قوله: (عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه) قد مر هذا الحديث سندا ومتنا في أوائل كتاب الحجة في باب معرفة الإمام والرد إليه وذكرنا شرحه مفصلا.
قوله: (إنكم لا تكونوا صالحين حتى تعرفوا) ذكر أمورا أربعة كل سابق موقوف على اللاحق لظهور أن الصلاح وهو التحلي بالفضائل الظاهرة والباطنة والتخلي عن الرذائل متوقف على معرفتها والمعرفة متوقفة على التصديق إذ هي بدونه نفاق واستهزاء، والتصديق موقوف على تسليم أبواب أربعة. ولعل المراد بها الإقرار بالله، والإقرار بالرسول، والإقرار بما جاء به الرسول، والإقرار بالأئمة (عليهم السلام) بعده، أو المراد بها الرسول وعلى والحسن والحسين (عليهم السلام)، أو المراد بها الأربعة المذكورة في الآية الآتية وهي التوبة والإيمان والعمل الصالح والاهتداء وهو متابعة الإمام ولكن لا يخلو هذا من مناقشة.
قوله: (لا يصلح أولها إلا بآخرها) فلا يصلح الإقرار بالله والتسلم له إلا بالإقرار بالإمام والتسلم له .
قوله: (لا يقبل إلا العمل الصالح) وهو المشتمل على ما يعتبر في تحققه وصلاحه شرعا داخلا كان أم خارجا ومن جملة ذلك التسليم للأبواب الأربعة وهو شرط الله وعهده على عباده في صلاح العمل وقبوله واستحقاق الاجر به. ولا يتقبل الله من العاملين أعمالهم إلا بوفائهم بشروطه وعهوده