الآية هكذا (والذين كفروا أعملهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه و لم يجده شيا ووجد الله عنده و فوفاه حسابه و والله سريع الحساب * أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمتم بعضها فوق بعض إذا أخرج يده و لم يكد يراها ومن لم يجعل الله لهو نورا فما لهو من نور). (1) السراب ما يرى في الفلاة وقت الظهيرة من ضوء الشمس يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري. والقيع المبسوط من الأرض، شبه أولا سبحانه ما يعمله من لا يعتقد الإيمان ولا يتبع الحق - من الأعمال الصالحة التي يحسبها منفعة عند الله ومنجاة من عذابه - ثم يخيب في العاقبة أمله ويلقى خلاف ما قدر بسراب يراه الكافر بالساهرة وقد غلبه العطش يوم القيامة فيأتيه فلا يجد ما رجاه ويجد زبانية جهنم عنده فيأخذونه ويلقونه في جهنم ويسقونه الحميم والغساق، وثانيا بالظلمات في البحر اللجي العميق الكثير الماء منسوب إلى اللج وهو معظم الماء، ولا يخفى حصول المناسبة التامة التي تفيضها بلاغة القرآن بين المشبه به في الصورة الأولى والمشبه به في الصورة الثانية من اتصاف كل منهما بابتداء مطمع وانتهاء مؤيس إذا أريد بالظلمات الأول وصاحبه، وإنما أخبر عنهما بالجمع؛ لكون كل واحد منهما ظلمات، أي شبهات بالنسبة إلى تعدد من ضل بهما، فكل واحد منهما ظلمات فضلا عنهما، وذلك كنطفة أمشاج. والبحر اللجي هو دين الإسلام، يغشاه موج هو الثالث، والتوجيه ما مر. من فوق ذلك الموج موج آخر وهو ظلمات الثاني. وإنما كرر ذكره مع كل من الأول والثالث؛ لكونه أصل خلافة كل منهما فقرنه بكل واحد منهما، وباقي الحديث ظاهر.
* قوله: عن محمد بن الحسن [ص 195 ح 6]