بلا مهلة، وأثر الخلاف يظهر فيما إذا جنى قبل الشروع. وقال محمد: يلزمه في المعية أحدهما وفي التعاقب الأول فقط، والعمرتان كالحجتين اه.
قلت: وأثر الخلاف لزوم دمين بالجناية عندهما، ودم واحد عند محمد كما في البدائع.
واستشكله في شرح اللباب بأنه عند الثاني يرتفض أحدهما عقب الاحرام بلا مكث: أي فلم تكن الجناية عنده على إحرامين بل على واحد، فيلزمه بالجناية دم واحد كقول محمد. قوله: (ثم أحرم يوم النحر بآخر) قيد كونه يوم النحر، لأنه لو أحرم بعرفات ليلا أو نهارا رفض الثانية وعليه دم الرفض وحجة وعمرة، ثم عند الثاني يرتفض كما مر، وعند الأول بوقوفه كما في المحيط. وينبغي أنه لو أحرم ليلة النحر بعد الوقوف نهارا أن يرتفض بالوقوف بالمزدلفة لا بعرفة لأنه سابق. بحر.
لكن قياس ظاهر الرواية المتقدم أن تبطل بالمسير إليها. نهر. قوله: (فإن كان قد حلق للأول) أي لحجه الأول قبل إحرامه بالثاني. قوله: (لزمه الآخر) أي فيبقى محرما إلى أن يؤديه في العام القابل.
لباب. قوله: (لانتهاء الأول) لان الباقي بعد الحلق الرمي وبذلك لا يصير جانبا بالاحرام ثانيا. نهر.
ومقتضاه أن الاحرام الثاني وقع بعد الحلق وبعد طواف الزيارة أيضا، وأنه لو أحرم بعد الحلق قبل الطواف لزمه دم الجمع، لان الاحرام الأول بقي في حق حرمة النساء، وبه صرح الكرماني، لكن المتبادر من المتن وغيره كالهداية وشروحها والكافي خلافه، لاطلاقهم نفي الدم بعد الحلق من غير تقييد بما بعد الطواف أيضا، لكن قال في شرح اللباب: إن إطلاقهم لا ينافي تقييد الكرماني اه:
فيحل المطلق على المقيد.
قلت: لكن ما في الكرماني مبني على وجوب دم للجميع بين إحرامي الحج كإحرامي العمرة، ويأتي الكلام فيه قريبا. قوله: (فمع دم) الفاء داخلة على فعل مقدر: أي فيلزمه الآخر مع دم. قوله: (قصر أولا) أي إذا لم يحلق للأول ثم أحرم بالثاني لزمه دم، سواء حلق عقب الاحرام الثاني أو لا بل أخره حتى حج في العام القابل، وهذا عنده، وهما يخصان الوجوب بما إذا حلق لأنهما لا يوجبان بالتأخير شيئا كما في البحر. قوله: (عبر به الخ) أشار إلى أن التقصير غير قيد، وإنما عبر به ليشمل المرأة، لكن فيه أنه عبر قبله بالحلق.
وقد يقال: إنه من قبيل الاحتباك، وهو أن يصرح في كل موضع بما سكت عنه في الآخر ليفيد إرادة كل من الاختصار. وما في النهر من أن المراد هنا بالتقصير الحلق إذا التقصير لا دم فيه إنما فيه الصدقة، فقد قدمنا أول الجنايات أن الصواب خلافه، فافهم. قوله: (لجنايته على إحرامه) أي إحرام الحجة الثانية، أما إحرام الحجة الأولى فقد انتهى بهذا التقصير فلا جناية عليه، وقوله: أو التأخير عطف على مدخول اللام لا على التقصير، لان تأخير الحلق عن أيام النحر ترك واجب لا جناية على الاحرام، ولو أسقط قوله: على إحرامه لكان أولى، وأشار بجعل العلة لوجوب الدم أحد هذين إلى أنه لا يلزمه دم للجميع بين إحرامي الحجين لأنه ليس جناية كما يأتي. أفاده ح.
قوله: (ومن أتى بعمرة إلا الحلق الخ) قدمنا أن الحكم في الجمع بين العمرتين كالجمع بين