وأورد عليه أيضا أنه ينبغي أن تسقط العمرة الواجبة بدخول مكة غير محرم بالعمرة المنذور في السنة الثانية كالمنذورة في الأولى، لأن العمرة لا تصير دينا لعدم توقتها بوقت معين، بخلاف الحج. وأجاب في غاية البيان بأن تأخير العمرة إلى أيام النحر والتشريق مكروه، فإذا أخرها إليها صار كالمفوت لها فصارت دينا اه. وأقره في البحر. ولا يخفى ما فيه، فأن المكروه فعلها في تلك الأيام لا بعدها. فتأمل. قوله: (فأحرم بعمرة) يعلم منه ما إذا أحرم بحجة بالأولى. نهر، فافهم. قوله:
(لترك الوقت) مصدر مضاف إلى مكانه: أي لترك إحرامه في الميقات. قوله: (لجبره بالاحرام منه في القضاء) علة لقوله: ولا دم عليه الخ وضمير منه للوقت أشار به إلى أنه لا بد في سقوط الدم من إحرامه في القضاء من الميقات كما صرح به في البحر، فلو أحرم من الميقات المكي لم يسقط الدم، وهو مستفاد أيضا مما قدمناه، عن الشرنبلالية. قوله: (مكي طاف لعمرته الخ) شروع في الجمع بين إحرامين، وهو في حق المكي ومن بمعناه جناية دون الآفاقي إلا في إضافة إحرام العمرة إلى الحج، فبالاعتبار الأول ذكره في الجنايات، وبالاعتبار الثاني جعل له في الكنز باب على حدة.
ثم اعلم أن أقسامه أربعة: إدخال إحرام الحج على العمرة، والحج على مثله، والعمرة على مثلها، والعمرة على الحج، قدم الأول لكونه أدخل في الجناية، ولذا لم يسقط به الدم بحال، ثم ذكره الثاني مقدما له على غيره لقوة حاله لاشتماله على ما هو فرض، ثم الثالث على الرابع لما فيه من الاتفاق في الكيفية والكمية. نهر. قوله: (ومن بحكمه) أشار إلى ما في النهر من أن المراد بالمكي غير الآفاقي، فشمل كل من كان داخل المواقيت من الحلي والحرمي، فافهم. فالاحتراز عن الآفاقي لأنه لا يرفض واحدا منهما غير أنه إن أضاف بعد فعل الأقل كان قارنا، وإلا فهو متمتع إن كان ذلك في أشهر الحج كما مر. نهر. قوله: (أي أقل أشواطها) يفيد أن الشوط ليس بقيد، وأطلقه فشمل ما إذا كان في أشهر الحج أو لا كما في البحر عن المبسوط.
وفي النهر عن الفتح: ولو طاف الأكثر في غير أيام الحج، ففي المبسوط أن عليه الدم أيضا لأنه أحرم بالحج قبل الفراغ من العمرة، وليس للمكي أن يجمع بينهما، فإذا صار جامعا من وجه كان عليه دم اه.
وفيه أيضا قيد بالعمرة لأنه لو أهل بالحج وطاف له ثم بالعمرة رفضها اتفاقا، وبكونه طاف لأنه لو لم يطف رفضها أيضا اتفاقا، وبالأقل لأنه لو أتى بالأكثر رفضه: أي الحج اتفاقا. وفي المبسوط أنه لا يرفض واحدا منهما، وجعله الأسبيجابي ظاهر الرواية. قوله: (رفضه) أي تركه من باب طلب وضرب كما في المغرب. وهذا: أي رفض الحج أولى عند الامام. وعندهما الأولى رفض العمرة لأنها أدنى حالا، وله أن إحرامها تأكد بأداء شئ من أعمالها، ورفض غير المتأكد أيسر، ولان رفضها إبطال العمل وفي رفضه امتناعا عنه. أفاده في البحر. قوله: (وجوبا) مخالفا لما في البحر حيث قال بعد ما مر: وقد ظهر أن رفض الحج مستحب لا واجب اه: أي وإنما الواجب رفض أحدهما لا بعينه. قوله: (بالحلق) أي مثلا. قال في البحر: ولم يذكر بماذا يكون