قوله: (على المذهب) مقابله ما قاله أبو يوسف: إنه إن نوى إقامة خمسة عشر يوما في البستان فله دخول مكة بلا إحرام، وإلا فلا. ح. عن البحر. قوله: (دخول مكة غير محرم) أي إذا أراد دخول البستان لحاجة لا لدخول مكة ثم بدا له دخول مكة لحاجة له دخولها غير محرم كما في شرح ابن الشلبي ومله مسكين. قال في الكافي: لان وجوب الاحرام عند الميقات على من يريد دخول مكة وهو لا يرد دخولها وإنما يريد البستان وهو غير مستحق التعظيم فلا يلزمه الاحرام بقصد دخوله اه.
قلت: وهذا إذا أراد دخول مكة لحاجة غير النسك، وإلا فلا يجاوز ميقاته إلا بإحرام ولذا قال قبيل فصل الأحوال عند ذكر المواقيت: وحل لأهل داخلها دخول مكة غير محرم ما لم يرد نسكا.
قوله: (ووقته البستان) أي لو أراد النسك فميقاته للحج أو العمرة البستان: يعني جميع الحل الذي بين المواقيت والحرم كما مر في بحث المواقيت، فلو أحرم من الحرم لزمه دم ما لم يعد كما قدمناه قريبا عن النهر واللباب. إلا إذا دخل الحرم لحاجة ثم أراد النسك فإنه يحرم من الحرم لأنه صار مكيا كما مر. قوله: (ولا شئ عليه) مرتبط بقوله: له دخول مكة غير محرم فكان الأولى ذكره قبل قوله: ووقته البستان. قوله: (كما مر) أي قبيل فصل الاحرام حيث قال: أما لو قصد موضعا من الحل كخليص وحدة حل له مجاوزته بلا إحرام، فإذا حل به التحق بأهله. فله دخول مكة بلا إحرام.
قوله: (هذه حيلة لآفاقي الخ) أي إذا لم يكن مأمورا بالحج عن غيره كما قدمه الشارح هناك وقدمنا الكلام عليه.
ثم إن هذه الحيلة مشكلة لما علمت من أنه لا يجوز له مجاوزة الميقات بلا إحرام ما لم يكن أراد دخول مكان في الحل لحاجة، وإلا فكل آفاقي يريد دخول مكة لا بد أن يريد دخول الحل، وقدمنا أن التقييد بالحاجة احتراز عما لو كان عند المجاوزة يريد دخول مكة، وإنه إنما يجوز له دخولها بلا إحرام إذا بدا له بعد ذلك دخولها كما قدمناه عن شرح ابن الشلبي ومله مسكين.
فعلم أن الشرط لسقوط الاحرام أن يقصد دخول الحل فقط، ويدل عليه أيضا ما نقلناه عن الكافي من قوله: وهو لا يريد دخولها: أي مكة، وإنما يريد البستان، وكذا ما نقلناه عن البدائع من قوله: فأما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر، وكذا قوله في اللباب: ومن جاوز وقته يقصد مكانا من الحل ثم بدا له أن يدخل مكة فله أن يدخله بغير إحرام، فقوله: ثم بدا له: أي ظهر وحدث له يقتضي أنه لو أراد دخول مكة عند المجاوزة يلزمه الاحرام وإن أراد دخول البستان، لان دخول مكة لم يبد لبل هو مقصوده الأصلي، وقد أشار في البحر إلى هذا الاشكال، وأشار إلى جوابه بما تقدم عنه من أنه لا بد أن يكون قصد البستان من حين خروجه من بيته: أي بأن يكون سفره المقصود لأجل البستان لا لأجل دخوله مكة كما قدمناه. وأجاب أيضا في شرح اللباب بقوله:
والوجه في الجملة أن يقصد البستان قصدا أوليا، ولا يضره دخول الحرم بعده قصدا ضمنيا أو عارضيا، كما إذا قصد هندي جدة لبيع أو شراء ولا يكون في خاطره أنه إذا فرغ منه أن يدخل مكة ثانيا، بخلاف من جاء من الهند بقصد الحج أولا، ويقصد دخوله جدة تبعا ولو قصد أنه لا بد أن يكون دخولها عارضا غير مقصود لا أصالة ولا تبعا، بل يكون المقصود دخول الحل فقط كما هو ظاهر جواب البحر وكلام الكافي والبدائع واللباب وغيرها، وهذا مناف لقولهم: إنه الحيلة لآفاقي