بعمرة من الحرم فإن الواجب خروجهما إلى الحل ليسقط الدم، وليس فيه عود إليه بعد الكينونة فيه. قوله: (كما مر) أي عودا مماثلا لما مر في الآفاقي بأن يعود إلى الميقات، ثم يحرم إن لم يكن أحرم، وإن كان أحرم ولم يشرع في نسك يعود إليه ويلبي. قوله: (أي آفاقي) أفاد أن المراد بالكوفي: كل من كان خارج المواقيت. قوله: (البستان) أي بستان بني عامر: وهو موضع قريب من مكة داخل الميقات خارج الحرم، وهي التي تسمى الآن نخلة محمود بن كمال. زاد غيره: أن منه إلى مكة أربعة وعشرين ميلا. قال بعض المحشين: قال النووي: قال بعض أصحابنا: هذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وقف بأرض عرفات. وفي غاية السروجي: بالقرب من جبل عرفات على طريق العراق والكوفة إلى مكة. قوله: (أي مكانا من الحل) أشار إلى أن البستان غير قيد، وأن المراد مكان داخل المواقيت من الحل. والظاهر أنه لا يشرط أن يقصد مكانا معينا لان الشرط عدم قصد دخول الحرم عند المجاوزة، فأي مكان قصده من داخل المواقيت حصل المراد كما سيتضح، فافهم. قوله: (لحاجة) كذا في البدائع والهداية والكنز وغيرها، وهو احتراز عما إذا أراد دخول مكان من الحل لمجرد المرور إلى مكة، فإنه لا يحل له إلا محرما فلا بد من هذا القيد، وإلا فكل آفاقي أراد دخول مكة لا بد له من دخول مكان في الحل، على أنه في البحر جعل الشرط قصده الحل من حين خروجه من بيته: أي ليكون سفره لأجله لا لدخول الحرم كما يأتي، ولذا قال ابن الشلبي في شرحه ومله مسكين: لحاجة له بالبستان لا لدخول مكة، ويأتي توضيحه، فافهم. قوله:
(ولو عند المجاوزة) الظرف متعلق بقصدها: أي لو كان قصد الحاجة التي هي علة إرادته دخول البستان عند مجاوزة الميقات، أما بعد المجاوزة فلا يعتبر قصد الحاجة لكونه عند المجاوزة كان قاصدا مكة فلا يسقط الدم ما لم يرجع. وأفاد أنه لو قصد دخول البستان لحاجة قبل المجاوزة فهو كذلك بالأولى وإن قصده لذلك من حين خروجه من بيته غير شرط، خلافا لما في البحر حيث قال عقب ذكره: إن ذلك حيلة لآفاقي أراد دخول مكة بلا إحرام، ولم أر أن هذا القصد لا بد منه حين خروجه من بيته أو لا، والذي يظر هو الأول، فإنه لا شك أن الآفاقي يريد دخول الحل الذي بين الميقات والحرم، وليس ذلك كافيا فلا بد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل الداخل الميقات حين يخرج من بيته اه.
وحاصله أن الشرط أن يكون سفره لأجل دخول الحل، وإلا فلا تحل له المجاوزة بلا إحرام.
قال في النهر: الظاهر أن وجود ذلك القصد عند المجاوزة كاف، ويدل على ذلك ما في البدائع بعد ما ذكر حكم المجاوزة بغير إحرام قال: هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم بغير إحرام، فأما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شئ عليه اه. فاعتبر الإرادة عند المجاوزة كما ترى اه. أي إرادة الحج ونحوه وإرادة دخول البستان فالإرادة عند المجاوزة معتبرة فيهما، ولذا ذكر الشارح ذلك في الموضعين كما قدمناه، فافهم. وقول البحر: فلا بد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل غير ظاهر، بل الشرط قصد الحل فقط. تأمل. قوله: (على ما مر) أي قريبا في قوله: ظاهر ما في النهر عن البدائع الخ.