ثم يمشي مارا إلى يمينه حتى يحاذي الحجر فيقف بحياله، ويستقبله ويبسمل ويكبر ويحمد ويصلي ويدعو اه. قال شارحه: أي يقول: بسم الله والله أكبر ولله الحمد، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إيمانا بك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد (ص). قوله: (رافعا يديه) أي عند التكبير لا عند النية فإنه بدعة. لباب.
وقال شارحه القاري في موضع آخر بعد كلام: والحاصل أن رفع اليدين في غير حالة الاستقبال مكروه، وأما الابتداء من غيره فهو حرام أو مكروه تحريما أو تنزيها بناء على الأقوال عندنا من أن الابتداء بالحجر فرض أو واجب أو سنة، وإنما المستحب الابتداء بالنية قبيل الحجر للخروج عن الاختلاف. قوله: (كالصلاة) أي حذاء أذنيه، وقدم في كتاب الصلاة أنه في الاستلام وعند الجمرتين يرفع حذاء منكبيه ويجعل باطنهما نحو الحجر والكعبة اه. وعزاه القهستاني إلى شرح الطحاوي، وصححه في البدائع وغيرها، ومشى في النقاية وغيرها على الأول، وصححه في غاية البيان وغيرها فقد اختلف التصحيح. قوله: (واستلمه) أي بعد أن يرسل يديه كما في النهر عن التحفة، قال في اللباب: وصفة الاستلام: أن يضع كفيه على الحجر ويضع فمه بين كفيه ويقبله.
قوله: (قيل نعم) جزم به اللباب وقال: إنه مستحب، ويكرره مع التقبيل ثلاثا. قال شارحه: وهو موافق لما نقله الشيخ رشيد الدين في شرح الكنز، وكذا نقل السجود عن أصحابنا العز بن جماعة، لكن قال قوام الدين الكاكي: الأولى أن لا يسجد عندنا لعدم الرواية في المشاهير اه. وظاهره ترجيح ما قاله الكاكي في المعراج، وهو ظاهر الفتح، ولذا اعترض في النهر على قول البحر: إنه ضعيف، بأن صاحب الدار أدرى: أي أن الكاكي من أهل المذهب الماهرين، وهو أدرى بالمذهب من غيره، فلا ينبغي تضعيف ما نقله.
قلت: لكن استند الكاكي إلى عدم ذكره في المشاهير، وهو لا ينفي ذكره في غيره، وقد استند في البحر إلى أنه فعله عليه الصلاة والسلام والفاروق بعده كما رواه الحاكم وصححه، واستدرك بذلك منلا علي في شرح النقاية على ما مر عن الكاكي وأيد به ما نقله ابن جماعة عن أصحابنا. ثم رأيت نقلا عن غاية السروجي أنه كره مالك وحده السجود على الحجر وقال: إنه بدعة، وجمهور أهل العلم على استحبابه والحديث حجة عليه اه: أي على مالك، وبهذا يترجح ما في البحر واللباب من الاستحباب، إذ لا يخفى أن السروجي أيضا من أهل الدار فهو أدرى، والاخذ بما قاله موافقا للجمهور والحديث أولى وأحرى، فافهم. قوله: (وترك الايذاء واجب) أي فلا يترك الواجب لفعل السنة، وأما النظر إلى العورة لأجل الختان فليس فيه ترك الواجب لفعل السنة، لان النظر مأذون فيه للضرورة. قوله: (فإن لم يقدر) أعلى تقبيله إلا بالايذاء، أو مطلقا يضع يديه عليه ثم يقلبهما أو يضع إحداهما، والأولى أن تكون اليمنى لأنها المستعملة فيما فيه شرف، ولما نقل عن البحر العميق من أن الحجر يمين الله يصافح بها عباده والمصافحة باليمنى. قوله: (وإلا يمكنه ذلك) أي وضع يديه أو إحداهما. قوله: (يمس) بضم أوله وكسر ثانيه من الإمساس كما يشير إليه كلام الشارح الآتي. قوله: (عنهما) الأول عنه: أي الإمساس، لان العجز عن الاستلام ذكره