صغيرة أن الفورية واجبة لأنها ظنية لظنية دليلها وهو الاحتياط، لان في تأخيره تعريضا له للفوات، وهو غير قطعي فيكون التأخير مكروها تحريما لا حراما، لان الحرمة لا تثبت إلا بقطعي كمقابلها، وهو الفرضية وما ذكره مبني على ما قاله صاحب البحر في رسالته المؤلفة في بيان المعاصي أن كل ما كره عندنا تحريما فهو من الصغائر، لكنه عد فيها من الصغائر ما هو ثابت بقطعي كوطئ المظاهر منها قبل التكفير والبيع عند أذان الجمعة. تأمل. قوله: (كأداء) أي ويسقط عنه الاثم اتفاقا كما في البحر، قيل: المراد إثم تفويت الحج إثم التأخير.
قلت: لا يخفى ما فيه، بل الظاهر أن الصواب إثم التأخير إذ بعد الأداء لا تفويت. وفي الفتح:
ويأثم بالتأخير عن أول سني الامكان، فلو حج بعده ارتفع الاثم اه. وفي القهستاني: فيأثم عند الشيخين بالتأخير إلى غيره بلا عذر إلا إذا أدى ولو في آخر عمره فإنه رافع للإثم بلا خلاف. قوله:
(وإن أثم بموته قبله) أي بالاجماع كما في الزيلعي، أما على قولهما فظاهر، وأما على قول محمد فإنه وإن لم يأثم بالتأخير عنده لكن بشرط الأداء قبل الموت فإذا مات قبله ظهر أنه آثم، قيل من السنة الأولى، وقيل من الأخيرة من سنة رأى في نفسه الضعف، وقيل يأثم في الجملة غير محكوم بمعين بل علمه إلى الله تعالى كما في الفتح. قوله: (وسعه أن يستقرض الخ) أي جاز له ذلك، وقيل يلزمه الاستقراض كما في لباب المناسك. قال منلا علي القاري في شرحه عليه: وهو رواية عن أبي يوسف، وضعفه ظاهر فإن تحمل حقوق الله تعالى أخف من ثقل حقوق العباد اه.
قلت: وهذا يرد على القول الأول أيضا إن كان المراد بقوله: ولو غير قادر على وفائه أن يعلم أنه ليس له جهة وفاء أصلا، أما لو علم أنه غير قادر في الحال وغلب على ظنه أنه لو اجتهد قدر على الوفاء فلا يرد. والظاهر أن هذا هو المراد أخذا مما ذكره في الظهيرية أيضا في الزكاة حيث قال: إن لم يكن عنده مال وأراد أن يستقرض لأداء الزكاة: فإن كان في أكبر رأيه أنه إذا اجتهد بقضاء دينه قدر كان الأفضل أن يستقرض، فإن استقرض وأدى ولم يقدر على قضائه حتى مات يرجى أن يقضي الله تبارك وتعالى دينه في الآخرة، وإن كان أكبر رأيه أنه لو استقرض لا يقدر على قضائه كان الأفضل له عدمه اه. وإذا كان هذا في الزكاة المتعلق بها حق الفقراء ففي الحج أولى.
قوله: (على مسلم الخ) شروع في بيان شروط الحج، وجعلها في اللباب أربعة أنواع.
الأول: شروط الوجوب، وهي التي إذا وجدت بتمامها وجب الحج وإلا فلا، وهي سبعة:
الاسلام، والعلم بالوجوب لمن في دارا لحرب، والبلوغ، والعقل، والحرية، والاستطاعة، والوقت: أي القدرة في أشهر الحج أو في وقت خروج أهل بلده على ما يأتي.
والنوع الثاني: شروط الأداء، وهي التي إن وجدت بتمامها مع شروط الوجوب، وجب أداؤه بنفسه، وإن فقد بعضها مع تحقق شروط الوجوب، فلا يجب الأداء بل عليه الإحجاج أو الايصاء عند الموت وهي خمسة: سلامة البدن، وأمن الطريق، وعدم الحبس. والمحرم أن الزوج للمرأة، وعدم العدة لها.